المُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٥٢] ، وإِنما عَنَى بهذا الرماةَ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامهم في موضعٍ، ثم قال:"احموا ظهورنا، فإِن رأيتمونا نقتل، فلا تنصرونا، وإِن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا" فلما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباحوا عسكر المشركين، أكب الرماة جميعًا، فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهم هكذا - وشبك بين أصابع يديه - والتبسوا، فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا، وقتل من المسلمين ناسٌ كثيرٌ، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أول النهار، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعةٌ، أو تسعة، وجال المسلمون جولةٌ نحو الجبل، ولم يبلغوا حيثُ يقول الناس الغارَ، إِنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمدٌ، فلم يشك فيه أنه حقٌّ، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل، حتى طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين نعرفه بتكفئه إَذا مشى، قال: ففرحنا كأنه يم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقيَ نحونا، وهو يقول:"اشتد غضب الله على قوم دموا وجه رسوله" قال: ويقول مرةً أخرى: "الله إِنه
ليس لهم أن يعلونا" حتى انتهى إِلينا.
فمكث ساعةً، فإِذا أبو سفيان يصيح في أسف الجبل: اعل هبل - مرتين، يعنى آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة " أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبُهُ؟ قال: "بلى" قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجلُّ. قال: فقال أبو سفيان، يا ابن الخطاب، إِنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعالِ عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا أبو بكرٍ، وها أنا ذا عمرُ. قال: فقال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدرٍ،