الأحنف إلى الشام، فكتب أبو سمّال (١) الأسدي كتابا دفعه إلى الأحنف، فلما قدم الأحنف على معاوية أعطاه كتاب أبي سمال وفيه:
يا ربّة العير ردّيه لمرتعه … لا تظعني فتهيجي الناس للظّعن
ويروى عن الأحنف أنه قال: لا تؤاخينّ خبّا، ولا تستشيرنّ عاجزا، ولا تستعيننّ كسلا.
وقال رجل للأحنف: أيقدر أحد أن يكون مثلك؟ فقال: يا بن أخي إن الأمر إلى غير العباد، وليس للإنسان ما تمنى.
المدائني عن الفضل بن سليمان العجيفي قال: نظر الأحنف إلى خيل لبني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم فقال: خيل ما تدرك بالثار. فقال شعبة بن القلعم المازني: أما في أبيك فقد أدركت الخيل بثأرها. فقال الأحنف: لشيء ما قيل دع الكلام للجواب، وقال البلتعي:
هم منحوا قيسا صدور رماحهم … فأتلفنه والحارث بن حلاس
وقتل قيس يوم تياس، قتله بنو مازن.
وقال الأحنف: من قل فهمه كان أكثر قوله وعمله فيما عليه لا له.
هشام ابن الكلبي عن عوانة قال: كان الأحنف يقول: خير ما يؤتى العبد غريزة عقل، فإن حرم ذلك، فطول سكوت، فإن حرمها، فالموت أستر له.
قالوا: ونعي للأحنف حسكة بن عتاب، فلم يجزع عليه، ونعي شقيق بن ثور السدوسي فاسترجع وشقّ عليه، فقيل له: نعي حسكة وهو من قومك فلم يعظم ذلك عليك، ونعي رجل من بكر بن وائل فجزعت،