أبعد رسول الله أم قبل عهده … أم اضحت قريش قد أغثّت سمينها
أردنا هداه لا هدى الله قلبه … وما أمّه بالأمّ يهدى جنينها (١)
كانت أم خالد سوداء نصرانية، فكتب خالد إلى مالك: خذ الفرزدق فإنه هجا نهر أمير المؤمنين فأمر مالك أيوب بن عيسى الضبي فتلطف له حتى أخذه، فلما قيل لمالك: قد أخذ الفرزدق، انتفخ وريده غضبا، فلما وقف بين يديه أنشده قوله:
أقول لنفسي حين غصّت بريقها … ألا ليت شعري ما لها عند مالك
لها عنده أن يرجع الله روحها … إليها وتنجو من عظام المهالك
وأنت ابن جبّاري ربيعة أدركا … بك الشمس والخضراء ذات الحبائك (٢)
قال: فسكن غضبه وأمر به إلى السجن فقال وهو في السجن:
رأيت أبا غسان علّق سيفه … على عاتقي شغب على من يشاغبه
ترى الناس كالدّمعى له وقلوبهم … تنزّى وما فيهم عريب يخاطبه
أذلّ به الله الذي كان ظالما … وعزّ به المظلوم واشتد جانبه
وقد علم المصر الذي ضاع أنه … سيحمى وتمشي بالسيوف كتائبه (٣)
وقال في السجن:
يا مال هل لك في كبير قد أتت … تسعون فوق يديه غير قليل
يا مال هل هو مهلكي ما لم أقل … وليعرفنّ من القصائد قيلي
(١) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٣٣٤.
(٢) ديوان الفرزدق ج ٢ ص ٥٦.
(٣) ديوان الفرزدق ج ١ ص ٧٠ - ٧١ مع فوارق كبيرة.