الصعب، فإن أبقاني الله أنفذت رأيي، وإن عجّلت بي منيتي، فقد علم الله أني أخاف إنّ بادهت الناس بما أريد أن يلجّوا ويلجئوني إلى السيف، ولا خير في أمر لا يأتي إلا بالسيف.
حدثني هشام بن عمار قال: عزم عمر بن عبد العزيز على أخذ ما في أيدي بني أمية من حقوق الناس، وردّه على أهله، فاجتمعوا إليه فكلموه، فقال: إنكم أعطيتم في هذه الدنيا حظا فلا تنسوا حظكم من الله، وإني لأحسب شطر أموال أمة محمد في أيديكم ظلما، والله ما تركت في يد واحد منكم حقا لمسلم ولا معاهد إلا رددته.
المدائني عن المقدمي أن عمر قال لابنه حين استحثه في رد المظالم: أي بني إنّ نفسي مطيّتي، فإن لم أرفق بها لم تبلغني، إنّ الحقحقة في السير قلّما تورد إلى خير.
وقال هشام: بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال لمسلمة بن عبد الملك - ورأى عليه حلّة يمينة: يا أبا سعيد إنّ أفضل الإقتصاد ما كان بعد الجدّة، وأفضل اللين ما كان في الولاية، وأفضل العفو ما كان بعد القدرة.
المدائني أن رجلا أتى عمر من مصر فقال له: يا أمير المؤمنين إن عبد العزيز أخذ أرضي ظلما، فقال: وأين أرضك يا عبد الله؟ قال: حلوان.
قال: أعرفها ولي شركاء، وهذا الحاكم بيننا. فمشى عمر إلى القاضي فقضى عليه، فقال عمر: قد أنفقنا عليها. قال القاضي: ذلك بما نلتم من غلّتها، فقد نلتم منها بمثل نفقتكم. فقال: لو حكمت بغير ذلك ما ولّيت لي أمرا أبدا، وأمر بردّها.