وكان مع أبيه أبي عبيد بن مسعود حين وجّهه عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه إلى العراق في الثقل، وكان له يوم قتل أبوه ثلاث عشرة سنة، وكان يقول: والله لأعلونّ منبرا بعد منبر. ولأفلّنّ عسكرا بعد عسكر ولأخيفنّ أهل الحرمين. ولأذعرنّ أهل المشرقين والمغربين. وإنّ خبري لفي زبر الأوّلين.
وكان المختار مع عمّه بالمدائن حين جرح الحسن بن عليّ في مظلم ساباط أشار على عمّه بدفعه إلى معاوية، والتقرّب إليه به، طلبه قوم من الشيعة منهم الحارث الأعور، وظبيان بن عمارة التميمي ليقتلوه، فكلّم عمّه الحسن فسألهم الإمساك عنه فأمسكوا وكان المختار عند الشيعة عثمانيّا.
فلما بعث الحسين بن عليّ مسلم بن عقيل نزل دار المختار، فبايعه المختار فيمن بايعه سرا، وخرج ابن عقيل يوم خرج والمختار في ضيعة له بخطرنيه (١)، ولم يكن خروج مسلم عن مواعدة لأصحابه، إنّما خرج بداهة حين كان من أمر هانئ ما كان وقدم المختار الكوفة مسرعا، فوقف على باب المسجد الذي يعرف بباب الفيل في جماعة، فمرّ به هانئ بن أبي حيّة الوادعي فقال له يا بن أبي عبيد لا أنت في منزلك ولا مع القوم - يعني أهل الكوفة من أصحاب ابن زياد - فقال: أمسى رأيي مرتجنا عليّ لعظيم خطبكم، فأتى هانئ عمرو بن حريث، وهو خليفة ابن زياد فأخبره بقول المختار فأرسل إليه عمرو بن حريث رسولا وقال له: استنهه عن نفسه، وحذّره أن يجعل عليها سبيلا، فقام زائدة بن قدامة الثقفي فقال: آتيك به على أنّه
(١) خطرنيه: ناحية من نواحي بابل العراق. معجم البلدان.