وكان عبيد الله حين أتاه موت يزيد بالبصرة وثب به أهلها حتى استخفى، ثم لحق بالشام، فلم يزل مع مروان بن الحكم إلى أن عقد له مروان على ما غلب عليه وفتحه من أرض الجزيرة والعراق، ووثب أهل الكوفة بعامله عمرو بن حريث أيضا فأخرجوه واصطلحوا على عامر بن مسعود الجمحي دحروجة الجعل، فكان يصلّي بهم ويدعو لابن الزبير حتى عزله ابن الزبير، وولّى عبد الله بن يزيد الخطمي، فقدمها ابن يزيد لثماني بقين من شهر رمضان سنة أربع وستّين، ويقال: بعد ذلك بأشهر.
وقدم المختار بن أبي عبيد الكوفة بعد عبد الله بن يزيد بثمانية أيّام، فكان المختار إذا دعا الشيعة إلى نفسه، وإلى الطلب بدم الحسين قالوا: هذا سليمان بن صرّد شيخ الشيعة وقد أطاعته الشيعة وانقادت له وولّته أمرها، فيقول: إنّ سليمان رجل لا علم له بالحروب وسياسة الرجال، وقد جئتكم من قبل المهديّ محمد - يعني ابن الحنفية - مؤتمنا منتجبا ووزيرا مناصحا، فلم يزل حتى انشعبت إليه طائفة منهم، وعظمهم مع ابن صرد، فكان سليمان أثقل الناس على المختار.
واتى يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم الشيباني عبد الله بن يزيد الخطمي فأخبره بخبر سليمان بن صرد والمختار بن أبي عبيد وما يدعوان إليه من الطلب بدم الحسين بن عليّ، وأنّه لا يأمن أن تولّيه الشيعة، فخطب الناس فقال: إنّ قوما اجتمعوا للطلب بدم الحسين، فرحم الله الحسين، ورحم هؤلاء القوم، والله لقد دللت على أماكنهم وعليهم، فأبيت أن أهيجهم، والله ما قتلت الحسين، ولا مالأت على قتله وما أحببته، فلعن الله قتلته، فليظهر هؤلاء القوم آمنين، ثم ليسيروا إلى قاتل الحسين وقاتل خياركم وأماثلكم،