ولو جاز لنا أن نَرُدَّ على السِّيُوطِيِّ بِمِثلِ صنيعه، لذَكَرنا ما رُوِي عن أبي حامدٍ بن الشَّرقيِّ - كما في "تاريخ بغداد"(٤/ ٤٢) -، أنَّه سُئِلَ عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعمَرٍ، في فضائل عليّ بن أبي طالبٍ، فقال أبو حامدٍ:"هذا حديثٌ باطلٌ؛ والسَّببُ فيه أنَّ معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ، وكان مَعمَرٌ يُمَكِّنُهُ من كُتُبه، فأَدخَلَ عليه هذا الحديثَ، وكان مَعمَرٌ رجُلًا مَهِيبًا، لا يَقدِرُ أحدٌ عليه في السُّؤال والمُراجَعة، فسَمِعَهُ عبدُ الرَّزَّاق في كتاب ابن أخي مَعمَرٍ"، فعلَّق الذَّهَبيُّ في "السِّير"(٩/ ٥٧٦) قائلًا: "هذه حِكايَةٌ مُنقَطِعةٌ، وما كان معمرٌ شيخًا مُغَفَّلًا، يَرُوجُ عليه هذا، كان حافِظًا، بصيرًا بحديث الزُّهريِّ" ا. هـ.
ولكنَّنا لا نَستَجِيزُ أن نطعن علي الثِّقات بمثل هذه الحكايات.
وقد تَقَرَّر عند أهل العلم، أن ترك البُخاريِّ التخريجَ لراوٍ لا يَعنِي أنَّهُ ضعيفٌ. وقد عاب ابنُ حِبَّانَ على البُخاريِّ أنَّهُ ترك حمَّادَ بنَ سَلَمة، وخرَّج لمن هو أدنى مِنه حِفظًا وفَضلًا، فقال: "ولم يُنصِف مَن جَانَب حديثَ حمَّادِ بن سَلَمة، واحتَجَّ بأبي بكرٍ بن عيَّاشٍ، وبابن أَخي الزُّهريِّ، وبعبد الرَّحمن بن عبد الله بن دِينارٍ، فإنْ كان تركُه إيَّاه لِمَا كان يُخطئُ، فغيرُهُ من أقوانه، مِثلُ الثَّوْريِّ، وشُعبَةَ، وذَوِيهِما كانُوا يُخطِئُون، فإن زَعَمَ أن خطأه قَد كَثُر من تَغَيُّر حِفظِه، فقد كان ذلك في أبي بكرٍ بن عيَّاشٍ موجُودًا، وأنَّى يبلغُ أبو بكرٍ حمادَ بنَ سَلَمة؟ أفي إتقانِه، أم في