للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:٨٢] وقال: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة:٦٤]، وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم:٧٦]، وقال: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:١٠] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [النساء:١٣٧]» (١).

٢. أن النصوص الشرعية قد تنوعت في إطلاق اسم الكفر، فكثيراً ما تطلق على الأعمال التي لا يكفر صاحبها الكفر المخرج من الملة، وعليه فلا يمكن فهم النصوص إلا وفق هذا التقسيم: أكبر وأصغر، واعتبار الجميع قسماً واحداً مذهب الوعيدية ومخالف للنصوص الشرعية.

قال شيخ الإسلام: «وعلى هذا الأصل فبعض الناس يكون معه شعبة من شعب الكفر ومعه إيمان أيضاً، وعلى هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تسمية كثير من الذنوب كفراً مع أن صاحبها قد يكون معه أكثر من مثقال ذرة من إيمان فلا يخلد في النار. كقوله: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) (٢)، وقوله: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) (٣)، وهذا مستفيض عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في " الصحيح " من غير وجه؛ فإنه أمر في حجة الوداع أن ينادى به في الناس فقد سمى من يضرب بعضهم رقاب بعض بلا حق كفاراً؛ وسمى هذا الفعل كفراً؛ ومع هذا فقد قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحُجُرات:٩] إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحُجُرات:١٠]، فبين أن هؤلاء لم يخرجوا من الإيمان بالكلية، ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الخصلة، كما قال بعض الصحابة: (كفر دون كفر) (٤)، وكذلك قوله: (من قال لأخيه


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ١٨٨).
(٢) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (٤٨)، ومسلم، كتاب الإيمان (١١٦).
(٣) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب الإنصات للعلماء (١٢١)، ومسلم، كتاب الإيمان (١١٨).
(٤) رواه الحاكم في مستدركه (٢/ ٣٤٢) (٣٢١٩) والبيهقي في سننه (٨/ ٣٨) (١٥٨٥٤)، من تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- وصححه الألباني في الصحيحة (٢٥٥٢).

<<  <   >  >>