للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يكون فرقاً في الحقيقة، والحدود إنما يتعرض فيها لصفات الذات لا لما خرج عنها.

فقال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية: المعاني على قسمين: مفردة ومضافة.

فالمعاني المفردة: حدودها لا تؤخذ عنها متعلقاتها.

وأما المعاني الإضافية: فلا بد أن يوجد في حدودها تلك الإضافات؛ فإنها داخلة في حقيقتها، ولا يمكن تصورها إلا بتصور تلك المتعلَّقات، فتكون المتعلَّقات جزءاً من حقيقتها، فتعين ذكرها في الحدود.

والحمد والشكر معنيان متعلِّقان بالمحمود عليه والمشكور عليه، فلا يتم ذكر حقيقتهما إلا بذكر متعلَّقِهما، فيكون متعلَّقُهما داخلاً في حقيقتهما.

فاعترض الصدر ابن المرحل: بأنه ليس للمتعلِّق من المتعلَّق صفة ثبوتية، فلا يكون للحمد والشكر من متعلَّقِهما صفة ثبوتية؛ فإن التعلق (١) صفة نسبية (٢)، والنسب أمور عدمية، وإذا لم تكن صفة ثبوتية لم تكن داخلة في الحقيقة؛ لأن العدم لا يكون جزءاً من الوجود.

فقال الشيخ تقي الدين: قولك: (ليس للمتعلِّق من المتعلَّق صفة ثبوتية)، ليس على العموم؛ بل قد يكون للمتعلِّق من المتعلَّق صفة ثبوتية، وقد لا يكون، وإنما الذي يقوله أكثر المتكلمين: (ليس لمتعلَّق القول من القول صفة ثبوتية) (٣). ثم


(١) التعلق عند المتكلمين: هو طلب الصفة أمراً زائداً على قيامها بالذات، كاقتضاء العلم معلوماً ينكشف به، واقتضاء الإرادة مراداً يتخصص بها. انظر: حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين (ص:٣٠٧)، والتحف الربانية (ص:٩٨).
(٢) أمر نسبي: أي أمرٌ مقيد بغيره مرتبط به غير مطلق. انظر: معجم اللغة العربية (٣/ ٢٢٠٠).
(٣) انظر: هذه العبارة في المحصول للفخر الرازي (١/ ٩١)، وانظر: تعقيب القرافي عليها في نفائس الأصول في شرح المحصول (١/ ٢١٩)، وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «والتحقيق أن متعلق القول قد يكون له منه صفة وجودية، كمتعلق التكوين والتحريم والإيجاب، وقد لا يكون، كمتعلق الإخبار» درء تعارض العقل والنقل (١/ ٣٤٩).

<<  <   >  >>