للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الملاحدة، ليحرف كل منهم كلام الله ويفسره بالمعاني الباطلة، والتأويلات الفاسدة التي يريدها، بدعوى أن ظاهرها غير مراد (١).

سادساً: أن ادعاء كون هذا النص غير مراد تحكم لا دليل عليه وجناية على المتكلم؛ إذ مراد المتكلم يُعرف من لفظه، ودعوى أن ظاهر كلامه غير مراد، قدح فيه فإن الأصل في المتكلم أن يبين مراده، إلا لعجز أو ضعف في البيان والفصاحة، أو لإرادة التلبيس على المخاطبين (٢).

سابعاً: أن معظم نصوص القرآن ليست من قبيل "الظاهر"، وإنما من قبيل " النص"؛ وذلك أن الكلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

«أحدها: ما هو (نص) في مراده لا يحتمل غيره.

الثاني: ما هو (ظاهر) في مراده وإن احتمل أن يريد غيره.

الثالث: ما ليس بنص ولا ظاهر في المراد، بل هو (مجمل) يحتاج إلى بيان.

فالأول يستحيل دخول التأويل فيه، وتحميله التأويل كذب ظاهر على المتكلم، وهذا شأن عامة نصوص القرآن الصريحة في معناها كنصوص آيات الصفات والتوحيد، وأن الله سبحانه مكلم متكلم، آمر ناه، قائل مخبر موحي، حاكم واعد موعد، منبئ هاد داع إلى دار السلام، فوق عباده عليٌ على كل شيء، مستو على عرشه، ينزل الأمر من عنده ويعرج إليه، وأنه فعال حقيقة، وأنه كل يوم في شأن فعال لما يريد، وأنه ليس للخلق من دونه ولي ولا شفيع ولا ظهير، وأنه المنفرد بالربوبية والإلهية والتدبير والقيومية، وأنه يعلم السر وأخفى وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، وأنه يسمع الكلام الخفي كما يسمع الجهر، ويرى ما في السماوات والأرض ولا يخفى عليه منها ذرة واحدة، وأنه على كل شيء قدير فلا يخرج مقدور واحد عن قدرته البتة كما لا يخرج عن علمه وتكوينه، وأن له


(١) انظر: الرسالة المدنية ضمن مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٨).
(٢) انظر: الحموية (٢٨٠ - ٢٨٢).

<<  <   >  >>