للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتأول آيات الصفات وأحاديث الصفات من المتكلمين.

فقلت له: أما ما قاله الشافعي؛ فإنه حقٌ يجب على كل مسلم أن يعتقده، ومن اعتقده ولم يأت بقول يناقضه، فإنه سالك سبيل السلامة في الدنيا والآخرة، وأما إذا بحث الإنسان وفحص، وجد ما يقوله المتكلمون من التأويل الذي يخالفون به أهل الحديث كله باطلاً، وتيقن أن الحق مع أهل الحديث ظاهرًا وباطنًا.

فاستعظم ذلك وقال: أتحب لأهل الحديث أن يتناظروا في هذا؟

فتواعدنا يومًا، فكان فيما تفاوضنا: أن أمهات المسائل التي خالف فيها متأخرو المتكلمين ممن ينتحل مذهب الأشعري لأهل الحديث ثلاث مسائل:

١. وصف الله بالعلو على العرش.

٢. ومسألة القرآن.

٣. ومسألة تأويل الصفات.

فقلت له: نبدأ بالكلام على مسألة تأويل الصفات؛ فإنها الأم والباقي من المسائل فرع عليها، وقلت له: مذهب أهل الحديث وهم السلف من القرون الثلاثة المفضلة ومن سلك سبيلهم من الخلف: أن هذه الأحاديث تمر كما جاءت. ويؤمن بها وتصدق، وتصان عن تأويل يفضي إلى تعطيل، وتكييف يفضي إلى تمثيل.

وقد أطلق غير واحد ممن حكى إجماع السلف منهم الخطابي (١) مذهب السلف: أنها تجرى على ظاهرها، مع نفي الكيفية والتشبيه عنها، وذلك أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، يحتذى فيه حذوه ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فنقول: إن له يدًا وسمعًا، ولا نقول: إن معنى اليد: القدرة، ومعنى السمع: العلم.


(١) وقد مر معنا كلام الخطابي، انظر: حاشية المناظرة في العقيدة الواسطية (ص:٤٥٤).

<<  <   >  >>