للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبخاري إنما نفى [معرفته بسماعه] (١) من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا عرف غيره -كإمام الأئمة ابن خزيمة- ما ثبت به الإسناد، كانت معرفته وإثباته مقدماً على نفي غيره وعدم معرفته، ووافق الجماعة على ذلك، وأخذ بعض الجماعة يذكر من المدح ما لا يليق أن أحكيه، وأخذوا يناظرون في أشياء لم تكن في العقيدة، ولكن لها تعلق بما أجبت به في مسائل، ولها تعلق بما قد يفهمونه من العقيدة.

فأحضر بعض أكابرهم [في المجلس الثاني] (٢): كتاب الأسماء والصفات للبيهقي -رحمه الله تعالى- فقال: هذا فيه تأويل الوجه عن السلف.

[فوقع في قلبي ما أعد] (٣)، فقلت: لعلك تعني قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥].

فقال: نعم، قد قال مجاهد (٤) والشافعي (٥): (يعني: قبلة الله).

[ولم يكن هذا السؤال يرد علي؛ فإنه لم يكن شيء مما ناظروني فيه صفة الوجه ولا أثبتها لكن طلبوها من حيث الجملة وكلامي كان مقيداً كما في الأجوبة فلم أر


(١) هكذا في العقود الدرية (ص: ٣٠٥) وهو الأقرب للصواب. وفي مجموع الفتاوى (معرفة سماعه).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ١٥).
(٣) المصدر السابق (٦/ ١٥).
(٤) هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي، الإمام شيخ القراء والمفسرين، روى عن ابن عباس فأكثر وأخذ عنه القرآن والتفسير والفقه وعن جماعة من الصحابة، (ت: ١٠١ هـ). انظر: طبقات ابن سعد (٥/ ٤٦٦)، حلية الأولياء (٣/ ٢٧٩)، تهذيب الكمال (٢٧/ ٢٢٨).
والمراد من قوله ما رواه البيهقي بسنده عن مجاهد في قوله عز وجل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} قال: (قبلة الله، فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها» الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ١٠٧).
(٥) المراد ما رواه البيهقي مما حكاه المزني عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال في هذه الآية: (يعني والله أعلم: فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه) الأسماء والصفات (٢/ ١٠٦ - ١٠٧).

<<  <   >  >>