للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: إن الوجود زائد على الماهية؛ لينصر أنه مقول بالتواطؤ. فقال الثاني: ليس مذهب الأشعري وأهل السنة أن وجوده عين ماهيته، فأنكر الأول ذلك. فقلت: أما متكلمو أهل السنة فعندهم أن وجود كل شيء عين ماهيته، وأما القول الآخر فهو قول المعتزلة: إن وجود كل شيء قدر زائد على ماهيته، وكل منهما أصاب من وجه؛ فإن الصواب أن هذه الأسماء مقولة بالتواطؤ، كما قد قررته في غير هذا الموضع، وأجبت عن شبهة التركيب بالجوابين المعروفين (١). وأما بناء ذلك على كون وجود الشيء عين ماهيته أو ليس عينه، فهو من الغلط المضاف إلى ابن الخطيب، فإنا وإن قلنا إن وجود الشيء عين ماهيته، لا يجب أن يكون الاسم مقولاً عليه وعلى نظيره بالاشتراك اللفظي فقط، كما في جميع أسماء الأجناس. فإن اسم السواد مقول على هذا السواد وهذا السواد بالتواطؤ، وليس عين هذا السواد هو عين هذا السواد، إذ الاسم دال على القدر المشترك بينهما وهو المطلق الكلي؛ لكنه لا يوجد مطلقاً بشرط الإطلاق إلا في الذهن، ولا يلزم من ذلك نفي القدر المشترك بين الأعيان الموجودة في الخارج؛ فإنه على ذلك تنتفي الأسماء المتواطئة، وهي جمهور الأسماء الموجودة في الغالب: وهي أسماء الأجناس اللغوية، وهو الاسم المطلق (٢) على الشيء، وعلى كل ما أشبهه: سواء كان اسم عين، أو اسم صفة جامداً أو مشتقاً، وسواء كان جنساً منطقياً أو فقهياً أو لم يكن. بل اسم الجنس في اللغة يدخل فيه الأجناس والأصناف والأنواع ونحو ذلك. وكلها أسماء متواطئة وأعيان مسمياتها في الخارج متميزة.

وطلب بعضهم إعادة قراءة الأحاديث المذكورة في العقيدة؛ ليطعن في بعضها فعرفت مقصوده. فقلت: كأنك قد استعددت للطعن في حديث الأوعال، حديث العباس بن عبد المطلب، وكانوا قد تعنتوا حتى ظفروا بما تكلم به زكي الدين


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٣٤٤ - ٣٥٠) ودرء التعارض (٤/ ٢١٩) فما بعدها.
(٢) في رواية الشيخ علم الدين (المعلق) ولعله تصحيف.

<<  <   >  >>