للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويورد المورد منهم ما شاء ويعارض فيما شاء، والأمير أيضا يسأل عن مواضع فيها، وقد علم الناس ما كان في نفوس طائفة من الحاضرين من الخلاف والهوى، ما قد علم الناس بعضه، وبعضه بسبب الاعتقاد، وبعضه بغير ذلك (١).

ولا يمكن ذكر ما جرى من الكلام والمناظرات: في هذه المجالس فإنه كثير لا ينضبط؛ لكن أكتب ملخص ما حضرني من ذلك مع بعد العهد بذلك، ومع أنه كان يجري رفع أصوات ولغط (٢) لا ينضبط.

فكان مما اعترض [عليه] (٣) بعضهم لما ذُكِرَ في أولها: «ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل».

فقال: ما المراد بالتحريف والتعطيل؟ ومقصوده أن هذا ينفي التأويل الذي أثبته أهل التأويل الذي هو: صرف اللفظ عن ظاهره، إما وجوباً وإما جوازاً.

فقلت: تحريف الكلم عن مواضعه كما ذمه الله تعالى في كتابه: وهو إزالة اللفظ عما دل عليه من المعنى، مثل: تأويل بعض الجهمية (٤) لقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:١٦٤]، أي: جرحه بأظافير الحكمة تجريحاً (٥)! ومثل:


(١) قال الشيخ عبد الله بن تيمية -رحمه الله-: «وفيهم من في قلبه على الشيخ ما لا يعلمه إلا الله، وكان ظنهم أنهم إذا تكلموا معه في هذا الكتاب أظهروا أنه يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة» رسالة عبد الله بن تيمية لأخيه زين الدين عن حاصل المناظرة في الواسطية، ضمن مجموع الفتاوى (٣/ ٢٠٤).
(٢) في العقود الدرية (ص:٢٦٩) (ولفظٌ).
(٣) هكذا في العقود الدرية (ص:٢٦٩) وهو الأقرب للصواب. وفي مجموع الفتاوى (عليَّ).
(٤) لم أقف على قائل معين ينسب له هذا القول، إلا أن صاحب كتاب (التفسير الحديث)، نسب هذا القول إلى الزمخشري (٨/ ٢٨٦)، وهذا خطأ منه على الزمخشري، فإنه كما في تفسير الكشاف أنكر هذه المقالة وجعلها من بدع التفاسير. انظر: تفسير الزمخشري (١/ ٥٩١).
(٥) في حكاية المناظرة في الواسطية ضمن جامع المسائل (٨/ ١٨٤)، قال: «ينابيع الحكمة»، والعبارة المشتهرة في كتب التفاسير وغيرها: «جرّح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن» انظر: تفسير الزمخشري (١/ ٥٩١)، تفسير الرازي (١١/ ٢٦٧)، البحر المحيط (٤/ ١٣٩)، تفسير اللباب (٧/ ١٣٦)، البرهان في علوم القرآن (٢/ ٣٩٣).

<<  <   >  >>