للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشام (١). وقلت قبل حضورها كلاماً قد بعد عهدي به وغضبت غضباً شديداً؛ لكني أذكر أني قلت: أنا أعلم أن أقواماً كذبوا علي، وقالوا للسلطان أشياء (٢)، وتكلمت بكلام احتجت إليه؛ مثل أن قلت: من قام بالإسلام أوقات الحاجة غيري؟! ومن الذي أوضح دلائله وبينه؟! وجاهد أعداءه وأقامه لما مال؟! حين تخلى عنه كل أحد؛ ولا أحد ينطق بحجته ولا أحد يجاهد عنه وقمت مظهراً لحجته مجاهداً عنه مرغباً فيه، فإذا كان هؤلاء يطمعون في الكلام فيَّ، فكيف يصنعون بغيري؟! ولو أن يهودياً طلب من السلطان الإنصاف: لوجب عليه أن ينصفه، وأنا قد أعفو عن حقي وقد لا أعفو، بل قد أطلب الإنصاف منه، وأن يُحضر هؤلاء الذين يكذبون؛ ليُحاققوا (٣) على افترائهم، وقلت كلاماً أطول من هذا الجنس، لكن بَعُدَ عهدي به.

فأشار الأمير إلى كاتب الدرج (٤) محيي الدين (٥): بأن يكتب ذلك. وقلت


(١) وكان أول مجيء التتر إلى دمشق عام ٦٩٩ هـ، وهذا المجلس كان عام ٧٠٥ هـ، مما يفيد أن الواسطية ألفت في عام ٦٩٨ هـ تقريباً، وهو العام الذي ألفت فيه الحموية أيضاً.
(٢) ومن ذلك ما قاله نصر المنبجي لابن مخلوف: «قل للأمراء بأن ابن تيمية يُخشى على الدولة منه، كما جرى لابن تومرت في بلاد المغرب» انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام (ص:٣٢٢، ٥٠٥، ٥٤٤). ومنه أيضاً: الكتاب الذي زوره عليه بعض الصوفية سنة (٧٠٢ هـ) وفيه: أنه يريد قلب الملك مع بعض العلماء والأمراء. انظر: الجامع لسيرته (ص:٤١٤) وتكملة الجامع (ص:٩ - ١٠). ومنه ما ذكره أبو حفص البزار من قصته مع الملك عندما دعاه بسبب ما بلغه عنه من أن في نفسه أخذُ الملك، وتأليب الناس عليه. فقال له الشيخ: أنا أفعل ذلك؟! والله إن ملكك وملك المغل لا يساوي عندي فلسين! انظر: الأعلام العلية (ص:٧٨٣).
(٣) هكذا في بعض نسخ العقود الدرية (ص:٢٦٧) وهو الأقرب للصواب، وفي بعض النسخ (ليحاقوا). وفي مجموع الفتاوى (ليوافقوا).
(٤) كاتب الدَّرْج: هو من يكتب الأحكام والفتاوى في الورق المسمى درجاً. انظر: تكملة المعاجم العربية (٤/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٥) هو أبو المعالي يحيى بن فضل الله العمري، وَلِي كتابة السر في دمشق إلى سنة (٧٠٩ هـ) وكثر الثناء عليه، وتوفي (٧٣٨ هـ). انظر: أعيان العصر (٥/ ٥٧٥) البداية والنهاية (١٨/ ٤٠٦).

<<  <   >  >>