للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكان وعلى كل أحد، وعلم الأمة بأوامره ونواهيه أتم من علم آحاد الرعية بالأئمة المذكورين وأوامرهم ونواهيهم، فعند الأمة من معرفة شرعه وهديه ما يغنيها عن كل إمام سواه (١)، وقد أمر الله بالرجوع للكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، ولم يأمر بردها إلى إمام أو نحوه، قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:٥٩] (٢).

٢) أن الله عز وجل قد بين أن الحجة قد قامت على الخلق بالرسل، كما قال الله سبحانه مبيناً ذلك: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:١٦٥]، ولو كانت الأمة محتاجة للأئمة كحاجتها للرسل وكان وجود الرسل غير مغنٍ للناس عن الأئمة وغيرهم، لما كانت الحجة قائمة بهم كما أخبر الله في هذه الآية (٣).

٣) أن الأمة معصومة بكتاب ربها وسنة نبيها ولا تجتمع على ضلالة، وعصمة الأمة جميعاً مغنية عما ادعيتموه وأوجبتموه من عصمة الأئمة، فلا يمكن لأحد أن يبدل شيئاً من الدين إلا أقام الله من يبين خطأه فيما بدله، فيبقى الدين محفوظاً مصوناً من الخلل والتحريف ومن الزيادة والخطأ والنقصان (٤).

٤) أن الأمور والأدلة والمقاصد التي أوجبوا من أجلها عصمة الإمام لا تتحقق فيمن جعلوهم أئمة، فأدلتهم التي استدلوا بها، هي نفسها دليل عليهم، فهي تبطل إمامة من جعلوهم أئمة؛ لعدم تحقق مقاصد الإمامة بهم، وأوضح مثال يبرهن على ذلك: إمامهم الغائب المفقود، الذي لم يصحح عملاً ولا سدد خطأ، ولا عُرِف له خبر، ولا رؤي له أثر، فأيُّ معنًى في عصمته، وأي فائدةٍ من ذلك؟! (٥).


(١) انظر: منهاج السنة النبوية (٦/ ٣٨٤).
(٢) انظر: المصدر السابق (٢/ ١٠٥).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (١٩/ ٦٦).
(٤) انظر منهاج السنة النبوية (٦/ ٤٠٩)، المنتقى مختصر منهاج السنة (٤١٠).
(٥) انظر: منهاج السنة النبوية (٦/ ٣٨٦)، (٥/ ٤٦٧).

<<  <   >  >>