للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المعاونين للكفار والتتار وأعداء المسلمين على الإسلام وأهله، وفيهم "خلق كثير لا يقرون بصلاة ولا صيام، ولا حج ولا عمرة، ولا يحرمون الميتة والدم ولحم الخنزير، ولا يؤمنون بالجنة والنار، من جنس الإسماعيلية والنصيرية والحاكمية والباطنية" (١)، والعياذ بالله العظيم.

ولما كان حالهم كهذا الحال، فقد ذهب شيخ الإسلام مع وفد من الأعيان والأمراء لاستتابتهم وإقناعهم بالالتزام بالشريعة والطاعة والولاء، ولكنهم أبوا وأصروا على ما هم عليه ولم يستجيبوا لتلك المساعي، فعند ذلك قام شيخ الإسلام -رحمه الله- بحثِّ الولاة والناس على قتالهم، وكتب إلى أطراف الشام في تشجيع الناس على جهادهم والقيام بواجب الله تجاههم، وقام في ذلك خير قيام، حتى اجتمع له خلق كثير من المقاتلين، وخرجت معه العساكر الإسلامية والجيوش الشامية وجهز نائب السلطنة حملة كبيرة توجه بها من دمشق إلى أهل كسروان لقتالهم، كما شارك فيها نائبا طرابلس وصفد (٢)، وقد كان جبل كسروان من أصعب الجبال وأشقها، وكانت الملوك لا تُقدم على حصار أهله لصعوبة الوصول إليهم ومشقة ذلك، وقد وصف شيخ الإسلام ذلك المكان بقوله: «والمكان الذي لهم في غاية الصعوبة حتى ذكر أهل الخبرة أنهم لم يروا مثله» (٣).

ولكن هذا الأمر لم يكن مانعاً لشيخ الإسلام عن قتالهم ولا مثنياً له عن ذلك، بل قام هو ومن معه من الجيوش الإسلامية بمحاصرة الجبل وأهله، وقتالهم حتى فتح الله عليهم هذا الجبل العصيب، وذلك في عام (٧٠٥ هـ)، وقاموا بإجلاء أهله منه وإخراجهم من ديارهم، وفي أثناء حصارهم لهذا الجبل حدثت لشيخ الإسلام مناظرة مع شيخ من شيوخ هؤلاء القوم في عصمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، كما


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٠٨)، والعقود الدرية (ص: ٢٠٨).
(٢) هي مدينة في جبال عاملة المطلة على حمص بالشام، وهي من جبال لبنان. انظر: معجم البلدان (٣/ ٤١٢) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (٣/ ٥٤١).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٠٨)، والعقود الدرية (ص: ٢٠٣).

<<  <   >  >>