للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يأتي أحدهم ويقول: أنا من رجال الغيب أو من الأوتاد الأربعة أو السبعة أو الأربعين. أو يقول له: أنت منهم. إذ كان هذا عندهم من الباطل الذي لا حقيقة له. ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم فيقول: أنا رسول الله أو يخاطبه عند القبر كما وقع لكثير ممن بعدهم عند قبره وقبر غيره وعند غير القبور، كما يقع كثير من ذلك للمشركين وأهل الكتاب» (١).

وقال رحمه الله: «ولهذا لم يكن أحد من الأنبياء والصحابة يفعل بهم مثل هذا؛ فإنهم أجل قدراً من ذلك» (٢).

سابعاً: أن هذه الأفعال الشيطانية قد وقعت مراراً وتكراراً في مختلف العصور والأزمنة، بحيث لا يخفى على من له أدنى إطلاع عليها، أنها من فعل الشياطين، وقد ضرب شيخ الإسلام في كتابه (الجواب الصحيح) أمثلة كثيرة على هذا، نسوقها لأهميتها ومعرفة مدى تسلط الشيطان على طوائف كثيرة من بني آدم وطرقه ووسائله في ذلك.

قال رحمه الله: «ومثل هذا قد جرى لخلق عظيم في زماننا وقبل زماننا كناس كانوا بـ (تدمر) (٣) فرأوا شخصاً عظيماً طائراً في الهواء، وظهر لهم مرات بأنواع من اللباس، وقال لهم: أنا المسيح ابن مريم، وأمرهم بأمور يمتنع أن يأمر بها المسيح -عليه السلام- وحضروا إلى عند الناس، وبينوا لهم أن ذلك هو شيطان أراد أن يضلهم.

وآخرون يأتي أحدهم إلى قبر من يعظمه ويحسن به الظن من الصالحين


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٩٠ - ٣٩١).
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: ٥)، انظر: الرد على البكري (١/ ١٤٠).
(٣) مدينة معروفة بأرض (سوريا) الشام قديمة، أبنيتها من أعجب الأبنية، موضوعة على العمد الرخام. زعموا أنها مما بنته الجن لسليمان، عليه السلام. انظر: آثار البلاد وأخبار العباد (ص: ١٦٩) الروض المعطار في خبر الأقطار (ص: ١٣١).

<<  <   >  >>