للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإحسان وإيمان فإذا غلبت إحدى المادتين على الأخرى أهلكتها.

والمشركون الذين لم يدخلوا في الإسلام مثل: الحبشة، والنجشية، والطوينية، والتوى ونحو ذلك من علماء المشركين وشيوخهم (١)، تكون الأحوال الشيطانية فيهم أكثر ويصعد أحدهم في الهواء و يخبرهم بأمور غائبة، ويبقى الدف الذي يغني لهم به يمشي في الهواء ويضرب رأس أحدهم إذا خرج عن طريقهم ولا يرون أحداً يضرب به ويطوف الإناء عليهم ولا يرون من يحمله، وإذا نزل بأحدهم مئة ضيف أتاهم بطعام يكفيهم ويأتيهم بألوان مختلفة مع كفرهم؛ وذلك كله من الشياطين تأتيه به من تلك المدينة، [أو من غيرها تسرقه وتأتي به] (٢)، وهذه الأمور تكون كثيرة عند من يكون مشركاً أو ناقص الإيمان، وعند التتار من هذا أنواع كثيرة ولا سيما دولة تمرخان (٣) وأتباعه، فإنهم سحروا الناس سحراً لم يُر مثله، وأظهروا أحوالاً لا حقيقة لها فوافقت قدر الله فعملت أعمالها؛ وذلك لما ضعف الإيمان بالشام وقل نور النبوة فظهر تأثير ذلك الأحوال في الناس لضعف الدين و امتلاء القلوب من حب الدنيا وظهور مناكير معروفة وكثرة الخبث


(١) هي أسماء لعلماء مشركي الترك ومشايخهم وهم من السحرة والكهان، ويسمى شيخهم (البوا) ومن شرطه عندهم أن يكون مخنثا مأبونا يُنكح، ومن أحوالهم ما ذكره شيخ الإسلام هنا، ومنها أنهم يجتمعون في ظلمة فيذبحون ذبيحة للشيطان ويغنون له فتأتي الشياطين وتخاطبهم ببعض الأمور الغائبة كأحوال غائبيهم وسرقاتهم وغير ذلك ويُحمل البوا فيُوقف به في الهواء وهم يرونه، وهم أقرب ما يكونوا بعبدة الشيطان. انظر: درء التعارض (٥/ ٦٧) الصفدية (١/ ١٩١) والرد على البكري (١/ ١٣٨).
(٢) في المطبوع (أو من غير تسوقه) والتصويب من مجموع الفتاوى (١/ ٣٦٤).
(٣) لم أجد بعد بحث طويل أحداً من السلاطين بهذا الاسم، ثم إني وقفت في كتاب"معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي" للمستشرق زامباور (ص:٤٢٦) على أحد الملوك باسم (قمر الدين تمرخان قِمران) أحد حكام (بِنغالة) تولى حكمها سنة (٦٤٢ هـ)، فلعله هو المراد هنا والله أعلم، وبنغالة المذكورة: هي بلاد بنغلاديش المعروفة الآن، وهذا يظهر من خلال ما ذكره ابن بطوطة في رحلته إليها ووصفه إياها، وهو يسميها "بَنْجالة". انظر رحلة ابن بطوطة (٤/ ١٠٠) فما بعدها.

<<  <   >  >>