وبهذه الطريقة أضل الشيطان خلقاً من عباد الله، وشجعهم على صرف العبادة لغير الله، فعكفوا عند قبور الأنبياء والأولياء داعين لها مستغيثين بها، متعلقين بأستارها رجاء أن تحقق لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً.
وغالباً ما يكون ذلك بعد موت هؤلاء الصالحين وأحياناً في حياتهم، وقد يغتر بذلك الرجل الصالح نفسه، فيظن أن ما يتصور للناس إنما هو ملك من الملائكة ظهر على صورته كرامة له، فيقوم بحث الناس على أفعالهم الشركية، وصرفهم الدعاء له أو لغيره.
وقد افتتن بهذا خلق كثير ممن حاد عن الطريق المستقيم وخالف الشرع القويم، فزادهم الشيطان ضلالا إلى ضلالتهم، وغواية إلى غوايتهم.
وقد ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- من هذا نماذج كثيرة جداً، ومنها ما جرى له في هذه المناظرة مع بعض من استغاث بغير الله فحدث له مثل هذا، فاغتر بما حصل له، حتى بين له شيخ الإسلام حقيقة الأمر، وتوضيح الحال.
• نص المناظرة:
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وكثير ممن يستغيث بالمشايخ فيقول: يا سيدي فلان! أو: يا شيخ فلان! اقض حاجتي، فيرى صورة ذلك الشيخ يخاطبه ويقول: أنا أقضي حاجتك، أو أطيب قلبك، فيقضي حاجته أو يدفع عنه عدوه، ويكون ذلك شيطاناً قد تمثل في صورته لما أشرك بالله فدعا غيره.
وأنا أعرف من هذا وقائع متعددة، حتى إن طائفة من أصحابي ذكروا أنهم استغاثوا بي في شدائد أصابتهم، أحدهم كان خائفاً من الأرمن، والآخر كان خائفاً من التتر، فذكر كل منهم أنه لما استغاث بي رآني في الهواء وقد دفعت عنه عدوه، فأخبرتهم أني لم أشعر بهذا، ولا دفعت عنكم شيئاً، وإنما هذا شيطان تمثل لأحدهم فأغواه لما أشرك بالله تعالى.
وهكذا جرى لغير واحد من أصحابنا المشايخ مع أصحابهم، يستغيث أحدهم بالشيخ، فيرى الشيخ قد جاء وقضى حاجته، ويقول ذلك الشيخ: إني لم أعلم