للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: أن هذا مناقض لما قد علم بالضرورة من الدين والعقل أن الله بائن عن خلقه، فكيف يصح أن يقال إنه حل بالحلاج أو غيره (١)؟!

الوجه الخامس: أن الله -عز وجل- أعظم وأكبر من جميع خلقه، فكيف يصح أن يقال: أنه حل بقلب الحلاج؟ وكيف يسع قلب الحلاج ونحوه ذات الحق سبحانه (٢)؟!.

الوجه السادس: أن دعواهم مخالفة لما هو "معلوم بالاضطرار من العقل والدين أن الله لم يتكلم على لسان بشر، كما يتكلم الجني على لسان المصروع" (٣)، "ولكن يرسل الرسل بكلامه فيقولون عليه ما أمرهم ببلاغه، فيقول على ألسنة الرسل ما أمرهم بقوله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أما إن الله قال على لسان نبيه سمع الله لمن حمده) (٤)، فإن كل واحد من المرسل والرسول: قد يقال إنه يقول على لسان الآخر، كما قال الإمام أحمد بن حنبل للمروذي: (قل على لساني ما شئت) (٥)، وكما يقال: هذا يقول على لسان السلطان كيت وكيت، فمثل هذا معناه مفهوم، وأما إن الله هو المتكلم على البشر، كما يتكلم الجني على لسان المصروع: فهذا كفر صريح" (٦).

الوجه السابع: أن هذا القول مخالف لكمال غناه عز وجل مستلزم لفقره واحتياجه لما سواه، كقلب يحل فيه، أو لسان ينطق به، كما يقول هؤلاء -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وكل من وقع بنوع من الحلول لزم افتقار الخالق إلى غيره واستغناء غيره عنه» (٧).


(١) انظر: المصدر السابق (٥/ ٣٧٩).
(٢) انظر: المصدر السابق (٥/ ٣٧٩).
(٣) مجموع الفتاوى (١/ ١٥٨).
(٤) رواه مسلم، باب: التشهد في الصلاة. برقم (٤٠٤).
(٥) لم أقف على هذا الأثر.
(٦) مجموع الفتاوى (٢/ ٤٨١ - ٤٨٢).
(٧) درء تعارض العقل والنقل (١٠/ ٢٨٧).

<<  <   >  >>