للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرف بذلك كل طريق يخالفه ويناقضه، فإذا عرف الناس مفهوم التوحيد الصحيح الذي جاءت الشريعة به، عرفوا بذلك بطلان كل مفهوم يخالفه أو يباينه أو يناقضه أو يعارضه، وعلى رأس ذلك هذه الأقاويل الباطلة والشبه المنحرفة التي جعلت التوحيد هو النفي والتعطيل مخالفة للمعاني الدينية والمصطلحات الشرعية، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وهم يفسرون الواحد والتوحيد بما ليس هو معنى الواحد والتوحيد في كتاب الله وسنة رسوله، وليس هو التوحيد الذي أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله، وهذا أصل عظيم تجب معرفته» (١).

وبين شيخ الإسلام -رحمه الله- في مواضع كثيرة من كتبه أن التوحيد الذي جاءت به الرسل يتناول أمرين:

١) التوحيد العلمي القولي (٢): وهو التوحيد في العلم والخبر، وهو توحيد الله في ربوبيته واسمائه وصفاته.

٢) توحيد القصد والطلب (٣): وهو توحيد الألوهية والعبادة فلا يعبد إلا الله وحده لا شريك له.

وكثيراً ما يمثل لهما شيخ الإسلام بسورتي الإخلاص والكافرون، فسورة الإخلاص جاءت بالتوحيد العلمي وسورة الكافرون جاءت بالتوحيد العملي. (٤)

ويبين شيخ الإسلام ترابط هذين النوعين من التوحيد وتلازمهما فيقول: «الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد هو بما


(١) بيان تلبيس الجهمية (٤٦٤/ ١)، انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٢٤).
(٢) ويسميه شيخ الإسلام تارة بـ (توحيد العلم) أو (التوحيد القولي العملي)، أو (توحيد القول والعلم)، أو (توحيد العلم والقول).
(٣) ويسميه شيخ الإسلام (التوحيد العملي الإرادي) أو (التوحيد في القصد والإرادة والعمل) أو (توحيد العمل والإرادة) أو توحيد (الإرادة والقصد) أو (توحيد العمل).
(٤) انظر: التدمرية (ص: ٥) وأمراض القلوب وشفاؤها (ص: ٦٢)، الصفدية (٢/ ٣١٥)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٦/ ٥٦٦)، منهاج السنة النبوية (٣/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>