اللهو، وإن كان مما لا حرج فيه فليس كل ما لا حرج فيه يؤذن فيه كما مرّ ذكره في كتاب الأحكام في مبحث المباح. ومنها اجتناب "أو ترك" مباح "مفضول بفعل" المباح "الأفضل" منه، فإن القسم لم يكن لازما لأزواجه في حقه وهو معنى قوله - تعالى - {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}[الأحزَاب: ٥١] الآية عند جماعة من المفسرين ومع ذلك فترك ما أبيح له إلى القسم الذي هو أخلق بمكارم أخلاقه وترك الانتصار ممن قال له اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ونهي من أراد قتله وترك قتل المرأة التي سمت له الشاة ولم يعاقب عروة بن الحرث إذ أراد الفتك به وقال من يمنعك مني الحديث.
ومنهها الترك للمطلوب خوفا من حدوث مفسدة أعظم من مصلحة ذلك المطلوب كما جاء في الحديث عن عائشة لولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض وفي رواية لأسست البيت على قواعد إبراهيم ومنع من قتل أهل النفاق وقال لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه (١). "و" هذه الأوجه - الأسباب - "كلها كالأصل" المذكور وهو أن الترك إنما يكون في غير المأذون فيه "غير" الوجه "الأول" فإنه لا يجري عليه هذا الحكم لأنه ليس في الحقيقة من هذا النمط، لأنه ليس بترك إطلاقا، كيف وقد أكل على مائدته - عليه الصلاة والسلام -؟
وأما الثاني: فقد صار في حقه التناول ممنوعا أو مكروها لحق ذلك الغير هذا في غير مقاربة المساجد وأما مع مقاربتها والدخول فيها فهو عام فيه وفي الأمة فلذلك نهى آكلها عن مقاربة المسجد وهو راجع إلى النهي عن أكلها لمن أراد مقاربته.
وأما الثالث فهو من الرفق المندوب إليه فالترك هنالك مطلوب وهو راجع إلى أصل الذرائع إذا كان تركا لما هو مطلوب خوفا مما هو أشد منه فإذا رجع إلى النهي عن المأذون فيه خوفا من مآل لم يؤذن فيه صار الترك هنا مطلوبا. وأما الرابع فقد تبين فيه رجوعه إلى المنهي عنه.