للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الآية؟ إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم، ثم قرأ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: ١٨٧] إلى قوله - تعالى - {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: ١٨٨] فهذا السبب بين أن المقصود من الآية غير ما ظهر لمروان. والقنوت يحتمل وجوها من المعنى يحمل عليه قوله - تعالى -: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فإذا عرف السبب تعين المراد. وروي أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود على عمر، فقال: إن قدامة شرب فسكر" (١).

"فقال عمر: من يشهد على ما تقول؟ قال الجارود: أبو هريرة يشهد على ما أقول، وذكر الحديث، فقال عمر: يا قدامة إني جالدك قال: والله لو شربت كما يقولون ما كان لك أن تجلدني، قال عمر: ولم؟ قال لأن الله يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المائدة: ٩٣] الخ فقال عمر: إنك أخطأت التأويل يا قدامة، إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله. وفي رواية فقال: لم تجلدني؟ بيني وبينك كتاب الله. فقال عمر: وأي كتاب الله تجد أن لا أجلدك؟ قال: إن الله يقول في كتابه {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ٩٣] إلى آخر الآية فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأحدا، والخندق، والمشاهد. فقال عمر: ألا تردون عليه قوله؟ فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلن عذرا للماضين، وحجة على الباقين، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن تحرم عليهم الخمر، وحجة على الباقين لأن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِر} [المائدة: ٩٠] ثم قرأ إلى آخر الآية الأخرى. فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، فإن الله قد نهى أن يشرب الخمر. قال عمر: صدقت، الحديث.

وحكى إسماعيل القاضي قال: شرب نفر من أهل الشام الخمر، وعليهم يزيد بن أبي سفيان، فقالوا: هي لنا حلال، وتأولوا هذه الآية {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ٩٣] الآية قال فكتب فيهم إلى عمر، قال فكتب عمر إليه: أن ابعث بهم إليّ قبل أن يفسدوا


(١) الموافقات ٣/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>