" و" أما القسم الثاني - وهو الرابع "في" الجملة - فهو "الذي في فعله إضرار خصّ" أي خاص، وهذا القسم نوعان أحدهما: أن يلحق الجالب بمنعه من ذلك ضرر، فهو محتاج إلى فعله، كالدافع عن نفسه مظلمة يعلم انها تقع بغيره، أو يسبق إلى شراء طعام أو ما يحتاج إليه أو إلى صيد أو حطب أو ماء أو غيره عالما انه إذا حازه استضر غيره بعدمه "و" لو أخذ من يده أستضر هو فـ "فـ "المنع" أي لذلك الجلب له يعني عليه لحوق "استضرار" به - ففي هذا - الحكم الشرعي:
هو "تقديمه" يعني تقديم حق ذلك الجالب لكن ذاك "أن يعتبر" أي ينظر "لـ" جهة "الحظ" الذي هو حق شرعي له فله تحصيله وإن استضر غيره بذلك لأن جلب المنفعة أو دفع المضرة مطلوب للشارع مقصود ولذلك أبيحت الميتة وغيرها من المحرمات الأكل وأبيح الدرهم بالدرهم إلى أجل للحاجة الماسة للمقرض والتوسعة على العباد والرطب باليابس في العرية للحاجة الماسة في طريق المواساة إلى أشياء من ذلك كثيرة دلت الأدلة على قصد الشارع إليها.
وإذا ثبت هذا فما سبق إليه الإنسان من ذلك قد ثبت حقه فيه شرعا بجوازه له دون غيره وسبقه إليه لا مخالفة فيه للشارع فصح وبذلك ظهر أن تقديم حق المسبوق على حق السابق ليس بمقصود شرعا إلَّا مع إسقاط السابق لحقه وذلك لا يلزمه بل قد يتعين عليه حق نفسه في الضروريات فلا يكون له خيرة في إسقاط حقه لأنه من حقه على بينة ومن حق غيره على ظن أو شك وذلك في دفع الضرر واضح وكذلك في جلب المصلحة إن كان عدمها يضر به.
وقد سئل الداودي هل ترى لمن قدر أن يتخلص من غرم هذا الذي يسمى بالخراج إلى السلطان أن يفعل قال نعم ولا يحل له إلَّا ذلك قيل له فإن وضعه السلطان على أهل بلدة وأخذهم بمال معلوم يردونه على أموالهم هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم قال ذلك له.
قال: ويدل على ذلك قول مالك رضي الله عنه في الساعي: يأخذ من غنم أحد