والجبن والشجاعة والغضب، والخوف ونحوها، فهذا كله متردد حاله بين أن يكون من القسم الأول وأن يكون من القسم الثاني، فكان محل اشتباه.
"فـ" يكون المصير إليه في ذلك هو أن "ينظر الناظر" وهو - هنا - الفقيه المجتهد "في الحقائق" أي حقائق جزيئات هذا الضرب، فينظر في كل جزئية منها على حدة حتى يظهر له حكمها "والحكم" الذي يذهب إليه في "فيها" أي في شأنها هو "الحكم" الذي ثبت "في الموافق" لها "أعنى" الموافق لها "من القسمين" يعني الضربين المتقدمين - الأول والثاني - فحيث ثبت لها حكم بمقتضى ذلك فإنه يصار إليه في شأنها. والمدار في ذلك على ما يقتضيه النظر الفقهي والاجتهاد. "ثم" - بمعنى الواو، فتفيد الترتيب اللفظي - يعني و"ظاهره" أي هذا الضرب عند الشاطبي هو أنه مما يدخل على الإنسان اضطرارا، وبذلك فحكمه هو "إلحاقه بأول" من هذه الضروب الذي "يناظره" في المكلف به في شأنه، وهو كذلك "إما لأنه من أصل الخلقة" والجبلة "وداخل تحت" اسم "صفات الفطرة" التي لا يتعلق بها لذاتها تكليف، وإذا تقرر ذلك في شأنه "فالطلب الوارد" بالتكليف به "إنما وقع" حكمه ومقتضاه "على التوابع" له "التي فيه" يعني في حالة التلبس به، "تقع" وذلك كتوابع الغضب، والطيرة، والحسد وغيرها من الأوصاف التي لا قدرة للمكلف على رفعها، فيصرف حكم النهي الوارد فيها إلى توابعها "لأن الأوصاف بلا ارتياب" أي شك "تتبعها أفعال" وتدعو لها تلك الأوصاف، وهي أفعال تحصل عن طريق "الاكتساب" والتسبب، وبهذه الأفعال يتعلق التكليف في هذا المقام - كما تقدم ذكره -.
و"أما" يعني أن الضرب ملحق بالضرب الأول إما لأنه من أصل الخلقة - كما تقدم - وإما "لأنه له" لهذا الضرب بواعث وأسباب "من غيره" أي المكلف "ليست له تناكث"