عن الدين. والقطع للسارق والتضمين للمتلفات لدرء الفساد عن المال. فهذه كلها شرعت لدرء ما يرجع على الحفظ المذكور بالإزالة، والإسقاط هذا شأن الضروري "وبعده" القسم "الحاجي وهو" معرف بأنه "المفتقر" - بفتح القاف - أي المحتاج "إليه من حيث" أي من جهة "مصالح البشر" مما شرع "توسعا" عليهم "فيما" من الأمور "إليه أحوجوا" بما يرد عليهم من الأحوال الموجبة لذلك - كالمرض - والاضطرار - "مع رفع ما" من التكاليف "ينشأ عنه حرج" ومشقة تفضي إلى فوات المطلوب. وهذه الحاجيات لو لم تراع لكان ذلك موجبا لدخول الحرج والمشقة على المكلفين في الجملة. وإن كان لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة. وهي جارية في العبادات والعادات، والمعاملات، والجنايات: ففي العبادات كالرخص المخففة، بالنسبة إلى لحوق المشقة بالمرض والسفر، وفي العادات كإباحة الصيد والتمتع بالطيبات مما هو حلال مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومركبا وما أشبه ذلك، وفي المعاملات كالقراض، والمساقاة، والسلم، وإلغاء التوابع في العقد على المتبوعات، كثمرة الشجر، ومال العبد، وفي الجنايات كالحكم باللوث، والتدمية، والقسامة، وضرب الدية على العاقلة، وتضمين الصناع وما أشبه ذلك.
"ثم" يلي القسم الحاجي هذا قسم "المحسنات" - بكسر السين - التي تحسن من قامت به ويجوز فتحها بمعنى - التي حسنها الشرع والعقول السليمة - وهي "بالإطلاق" سواء كانت جارية في العبادات أو المعاملات أو العادات أو الجنايات "ما كان من مكارم الأخلاق" كمحاسن العادات واجتناب ما يخل بالمروءة، ويناقض الفطر السليمة وهي جارية فيما جرت في الأوليان ففي العبادات كإزالة النجاسة - وبالجملة الطهارات كلها - وستر العورة، وأخذ الزينة، والتقرب بنوافل الخيرات من الصدقات والقربات، وأشباه ذلك، وفي العادات كآداب الأكل والشرب، ومجانبة المآكل النجسات، والمشارب المستخبثات، والإسراف، والإقتار في المتناولات، وفي المعاملات كالمنع من بيع النجاسات، وفضل الماء والكلأ، وسلب العبد منصب