والمقصد الشرعي منها "و" هذه المقاصد "انقسمت" بحكم تفاوت درجاتها فيما يترتب على وجودها من المصالح، وعلى زوالها من المفاسد "إلى الضروريات" الخمس "و" إلى "ما" أي وإلى المقاصد التي "لتحسين وحاجيات" تنسب، فيقال فيها التحسينات والحاجيات.
وبذلك فالمقاصد الواجب حفظها شرعا ثلاثة أقسام: الضروريات والحاجيات، والتحسينات، وبيانها يأتي. ويفرق بين التكاليف الشرعية التي بها حفظ كل قسم منها بالنظر فيما يؤول إليه أمر العباد لو لم يشرع ذلك التكليف، فإن كان سيترتب عن ذلك زوال أحد هذه الضروريات الخمس، فإنه مما شرع لحفظ الضروريات وإن كان لا يترتب عنه ذلك ولكن تترتب عنه المشقة والحرج الشديدان فإنه مما شرع لحفظ الحاجيات، وأما إن كان يؤول الأمر فيه فقط إلى ترك ما هو مستسحن بالفطر السليمة والعقول الراجحة فإنه مما شرع لحفظ التحسينات. "و" هذه التكاليف التي بها حفظ هذه المقاصد تكون في مواطن التكاليف كلها، وبذلك "هي تعبدات" أي عبادات كالإيمان والصلاة والرخص وإزالة النجاسة "أو عادات" كتناول المأكولات والمشروبات والتمتع بالطيبات "ومع جنايات" كالقصاص ومنع قتل النساء والصبيان في الجهاد، والديات وتضمين الصناع "معاملات" وهي ما به انتقال الأملاك بعوض أو بغير عوض بالعقد على الرقاب، أو المنافع، أو الأبضاع، ومنع بيع النجاسات.
وهذه الأحكام - التكاليف الشرعية - وإن كانت المقاصد الشرعية المذكورة بها، فإنه يميز بينها بمعرفة القسم الذي به حفظها، وبذلك "فـ" إن "كل ما قامت" به وتوقفت عليه "على" وجه "التعيين" بأن يكون هو عينه من قامت "مصالح الدنيا به" بحيث إذا فقد لم تجر أمور الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، فلا يصدر من الخلق فيها إلا الفساد والإفساد، "و" قد يكون مما قامت به مصالح "الدين" بحيث لو انخرم فإنه يترتب على ذلك فوت النجاة والنعيم، ويحق الرجوع بالخسران المبين، فكل