للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٠١ - وَزَلَّةُ الْعَالِمِ لَا تُعْتَمَدُ … فِي مَأْخَذِ الْعِلْمِ وَلَا تُقَلَّدُ

وقال مجاهد والحكم بن عيينة ومالك: "ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - "وقال سليمان التيمي: "إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله" قال ابن عبد البر: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا.

وهذا كله وما أشبهه دليل على طلب الحذر من زلة العالم. وأكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشارع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه، والوقوف دون أقصى المبالغة في البحث عن النصوص فيها؛ وهو وإن كان على غير قصد ولا تعمد وصاحبه معذور ومأجور لكن مما ينبني عليه في الإتباع لقوله فيه خطر عظيم. وقد قال الغزالي إن زلة العالم بالذنب قد تصير كبيرة وهي في نفسها صغيرة، وذكر منها أمثلة، ثم قال: فهذه ذنوب يتبع العالم عليها، فيموت العالم ويبقى شره مستطيرا في العالم أياما متطاولة، فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه. وهكذا الحكم مستمر في زلته في الفتيا من باب أولى، فإنه ربما خفي على العالم بعض السنة أو بعض المقاصد العامة في خصوص مسألته، فيقضي ذلك إلى أن يصير قوله شرعا يتقلد، وقولا يعتبر في مسائل الخلاف، فربما رجع عنه وتبين له الحق، فيفوته تدارك ما سار في البلاد عنه ويضل عنه تلافيه، فمن هنا قالوا: زلة العالم مضروب بها الطبل (١).

"فصل"

في أنه إذا ثبت هذا فإنه لا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل.

"و" منها أن "زلة العالم" كيفما كانت منزلته العلمية "لا تعتمد" أي لا تتخذ عمدة ولا يحتج بها على الإطلاق "في مأخذ العلم" وما يصح أن يكون دليلا علميا أو معرفيا، ولا يبالى بها، "ولا تقلد" أي تتبع بل يجب طرحها، والتحذير منها، إذ لا حجة شرعية في قول أحد أو فعله إلا ما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وإنما لم يعتد بزلة العالم لأنه لو كانت معتدا بها لم تجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير في العلم، أو إلى الجهل،


(١) الموافقات ٤/ ص ١٢٢ - ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>