للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٠٠ - وَمَوْقِعُ الْخَطَأْ فِي الْكُلِّيِّ … أَشَدُّ حَالًا مِنْهُ فِي الْجُزْئِيِّ

" و" اعلم أن "موقع الخطأ" وموجده "في"الأمر "الكلي" - كتحليل - انتهاك ما حظر الشارع انتهاكه من نحو إزهاق النفوس، وسلب الأموال، وانتهاك الأعراض هو "أشد حالا" وأعظم خطرا "منه" أي من الاجتهاد "في" الأمر "الجزئي" وكأمر مقيس متردد حاله بين طرفين متعارضين من نحو معاملة استجدت.

وفي هذا الموطن حذر من زلة العالم، فإنه جاء في بعض الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التحذير منها، فروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة. قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: أخاف عليهم من زلة العالم، ومن حكم جائر، ومن هوى متبع" وعن عمر: "ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون" وعن أبي الدرداء: "إن مما أخشى عليكم زلة العالم، أو جدال المنافق بالقرآن، والقرآن حق، وعلى القرآن منار كمنار الطريق" (١).

وكان معاذ بن جبل يقول في خطبته كثيرا: "إياكم وزيغة الحكيم؛ فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة، وقد يقول المنافق الحق، فتلقوا الحق عمن جاء به، فإن على الحق نورا" قالوا: كيف زيغة الحكيم؟ قال: "هي كلمة تروعكم وتنكرونها، وتقولون ما هذا؟ فاحذروا زيغته، ولا تصدنكم عنه، فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق". وقال سلمان الفارسي: "كيف أنتم عند ثلاث: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم؛ فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، تقولون نصنع مثل ما يصنع فلان، وتنتهي عما ينتهي عنه فلان. وإن أخطأ فلا تقطعوا إياسكم منه فتعينوا عليه الشيطان" الحديث.

وعن ابن عباس: "ويل للأتباع من عثرات العالم. قيل: كيف ذلك؟ قال: يقول العالم شيئا برأيه، ثم يجد من هو أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، فيترك قوله ثم يمضي الاتباع" وعن ابن المبارك أخبرني المعتمر بن سليمان قال رآني أبي وأنا أنشد الشعر فقال لي: يا بني لا تنشد الشعر؛ فقلت له: يا أبت كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد. فقال لي: أي بني؛ إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله.


(١) الموافقات ٤/ ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>