للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسْلَفَتْ)، بالتاء (١).

واختَلَفَ قارئو ذلك كذلك في تأويلِه.

فقال بعضُهم: معناه وتأويلُه: هنالك تتبع كلُّ نفسٍ ما قَدَّمَت في الدنيا لذلك اليومِ.

ورُوِى بنحوِ ذلك خبرٌ عن النبيِّ ، من وجهٍ وسَنَدٍ غيرِ مُرْتَضَى، أنه قال: "يَمْثُلُ لكُلِّ قوم ما كانوا يَعْبُدون مِن دونِ اللَّهِ يومَ القيامةِ، فَيَتَّبِعُونَهم حتى يُورِدَوهم النارَ". قال: ثم تَلَا رسولُ الله هذه الآية: (هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت) (٢).

وقال بعضُهم: بل معناه: تَتْلُو كتابَ حسناتِه وسيئاتِه. يعنى: تقرأُ، كما قال جلّ ثناؤه: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ [الإسراء: ١٣].

وقال آخرون: تَتْلو: تُعايِنُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وَهْبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ﴾، قال: ما عَمِلَت، تَتْلُو: تُعايِنهُ (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يقالَ: إنهما قراءتانِ مَشْهورتانِ، قد قَرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما أئمةٌ مِن القرأةِ، وهما مُتقارِبتا المعنى -وذلك أن مَن تَبعَ في الآخرةِ ما


(١) هذه قراءة حمزة والكسائي - السبعة لابن مجاهد ص ٣٢٥ وحجة القراءات ص ٣٣١.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٠٧ إلى ابن مردويه عن ابن مسعود.
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٤٩ عن ابن زيد معلقًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٠٧ إلى أبى الشيخ.