للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أتَوه تابوا ثم رَجَعوا إلى المدينةِ، فأنزل اللهُ: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ﴾، إلى قولِه: ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾. فقال رسولُ اللهِ : "هَلَكَ الذين تَخَلَّفوا". فأنزَل اللهُ عُذْرَهم لمَّا تابوا، فقال: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾، إلى قولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [التوبة: ١١٧، ١١٨]، وقال: ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (١) [التوبة: ١١٧].

حدَّثنا بشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ﴾، إلى قولِه: ﴿فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾، أي: مع النساءِ. ذُكِر لنا أنهم كانوا اثنَيْ عَشَرَ رجلًا مِن المنافقين، [فقيل فيهم ما قيل] (٢) (٣).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾: والخالِفون الرجالُ (٤).

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن التأويلِ في قولِه: ﴿الْخَالِفِينَ﴾. ما قال ابن عباسٍ.

فأما ما قال قتادةُ مِن أن ذلك النساءُ، فقولٌ لا معنَى له؛ لأن العربَ لا تجمعُ النساءَ إذا لم يكنْ معهنَّ رجالٌ بالياءِ والنونِ، ولا بالواوِ والنونِ، ولو كان مَغْنيًّا بذلك النساءُ، لقيل: فاقعدوا مع الخوالفِ. أو: مع الخالفاتِ. ولكن معناه ما قُلنا، مِن أنه أُرِيدَ به: فاقْعُدُوا مع مرضَى الرجالِ وأهلِ زَمانتِهم، والضعفاءِ منهم والنساءِ. وإذا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٦ عن محمد بن سعد به مختصرا.
(٢) في ص، س، ف: "قتل منهم ما قتل"، وينظر مصدرى التخريج.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٦ من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٥ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٧ من طريق عبد الله بن صالح به.