للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَيَذَرَكَ﴾ على العطفِ على ﴿لِيُفْسِدُوا﴾.

والوجهُ الأوّلُ أولى الوجهين بالصوابِ، وهو أن يكونَ نصبُ ﴿وَيَذَرَكَ﴾ على الصرفِ؛ لأنَّ التأويلَ مِن أهلِ التأويلِ به جاء.

وبعدُ، فإنَّ في قراءةِ أُبَيِّ بن كعبٍ الذي حدَّثني به أحمدُ بنُ يوسف، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، قال في حرفِ أُبيِّ بن كعبٍ: (وقد ترَكوك أن يَعْبُدوك وآلهتَك) (١) - دلالةً واضحةً على أن نصبَ ذلك على الصرفِ.

وقد رُوِى عن الحسنِ البصريِّ أنه كان يَقْرأُ ذلك: (وَيَذَرُك وآلهَتَكَ) (٢). عطفًا بقولِه: ﴿وَيَذَرَكَ﴾. على قولِه: ﴿أَتَذَرُ مُوسَى﴾. كأنه وجَّه تأويلَه إلى: أَتَذَرُ موسى وقومَه ويذرُك وآلهتُك ليُفْسِدوا في الأرضِ. وقد تَحتَمِلُ قراءة الحسنِ هذه أن يكونَ معناها: أتذرُ موسى وقومَه ليُفسدوا في الأرضِ، وهو يذرُك وآلهتَك. فيكونَ (يذرُك) مرفوعًا على ابتداءِ الكلامِ [والسلامةِ مِن الحوادثِ] (٣).

وأما قولُه: ﴿وَآلِهَتَكَ﴾. فإن قرأةَ الأمصارِ على فتحِ الألفِ منها ومدِّها، بمعنى: وقد ترَك موسى عبادتَك وعبادةَ آلهتِك التي تعبُدُها.

وقد (٤) ذُكِر عن ابن عباسٍ أنه قال (٥): كان له بقرةٌ يَعْبُدُها (٦).


(١) فضائل القرآن ص ١٧٢ عن حجاج به.
(٢) هي قراءة الحسن بخلاف عنه، وقرأ بها أيضًا نعيم بن ميسرة. ينظر البحر المحيط ٤/ ٣٦٧.
(٣) سقط من: م.
(٤) ليس في: الأصل.
(٥) سقط من: م.
(٦) في م: "يعبدوها".
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٣٨ (٨٨٢٣) من طريق سليمان التيمي، قال: بلغني عن ابن عباس. فذكره. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٧ إلى أبي الشيخ.