للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عَلِم التوراةَ وحِفظها في صدرِه وكتَبها لهم، فقام بها ذلك القرنَ، ولبِثوا فنَسُوا، ومات عُزَيْرٌ، وكانت أحْداثٌ، ونَسُوا العهدَ، وبَخَّلوا ربَّهم، وقالوا: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾. وقالوا في عُزَيْرٍ: إن الله اتَّخَذه ولدًا. وكانوا يَعِيبون ذلك على النصارى في قولِهم في المسيحِ، فخالَفوا ما نَهَوْا عنه، وعمِلوا بما كانوا يُكَفِّرون عليه، فسبَق مِن اللهِ كلمةٌ عندَ ذلك أنهم لن يَظْهَروا على عدوٍّ آخرَ الدهرِ، فقال: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾. فبعَث اللهُ عليهم المجوسَ الثالثةَ (١) أرْبابًا، فلم يَزالوا كذلك، والمجوسُ على رِقابِهم وهم يقولون: يا ليتَنا أدْرَكْنا هذا النبيَّ الذي نَجِدُه مكتوبًا عندَنا، عسى اللهُ أَن يَفُكَّنا به مِن المجوسِ والعذابِ والهوانِ. فبعَث محمدًا ، واسمُه محمدٌ، واسمُه في الإنجيلِ أحمدُ، فلما جاءهم ما عرَفوا كفَروا به. قال: ﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩] وقال: ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [البقرة: ٩٠].

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾: هم اليهودُ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾: أولئك أعداءُ اللهِ اليهودُ، كلما أوْقَدوا نارًا للحربِ أطْفَأَها اللهُ، فلن تَلْقَى اليهودَ ببلدٍ إلا وجَدْتَهم مِن أذلِّ أهلِه، لقد جاء الإسلامُ حينَ جاء وهم تحتَ أيدى المجوسِ، أبْغضِ خلقِه إليه (٢).


(١) في م: "الثلاثة".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٩ (٦٥٩١) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.