رسوله ﷺ إلى الأرض التي يَمْنَعُكم أهلُها من سلطانِ أهلِ الشركِ بالله، فتُوَحِّدوا الله فيها فتَعْبُدُوه، وتَتَّبِعُوا نبيَّه ﷺ، يقولُ الله جل ثناؤُه: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾: أي فهؤلاء الذين وصَفتُ لكم صفتَهم، الذين تَوفَّاهُم الملائكةُ ظالمي أنفسِهم، ﴿مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾. يقولُ: مصيرُهم في الآخرة جهنمُ، وهى مسكنُهم، ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾. يعنى: وساءت جهنمُ لأهلِها الذين صاروا إليها مصيرًا ومسكنًا ومأوًى.
ثم اسْتَثْنى جل ثناؤُه المستضعَفين الذين اسْتَضعفهم المشركون من الرجال والنساء والولدان؛ وهم العَجَزةُ عن الهجرة بالعُسْرَةِ وقلَّة الحيلة وسوءِ البصرِ والمعرفةِ بالطريق من أرضِهم، أرض الشركِ إلى أرض الإسلام من القوم الذين أخْبَر جل ثناؤُه أن مأواهم جهنمُ، أن تكونَ جهنمُ مأواهم، للعذرِ الذي هم فيه، على ما بيَّنه تعالى ذكرُه.
ونصَب (المستضعَفِينَ) على الاستثناءِ مِن الهاء والميم اللتين في قوله: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾. يقولُ الله جل ثناؤُه: ﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾. يعني: هؤلاء المستضعَفينَ، يقولُ: لعلَّ الله أن يَعْفُو عنهم للعذر الذي هم فيه وهم مؤمنون، فَيَتَفَضَّلَ عليهم بالصفح عنهم في تركهم الهجرة؛ إذ لم يَتْرُكوها اختيارًا، ولا إيثارًا منهم لدار الكفر على دار الإسلام، ولكن للعجز الذي هم فيه عن النُّقْلَةِ عنها، ﴿وَكَانَ اللَّهُ [عَفُوًّا غَفُورًا](١)﴾. يقولُ: ولم يَزَلِ اللهُ ﴿عَفُوًّا﴾. يعني: ذا صفحٍ بفضلِه عن ذنوبِ عباده، بتركه العقوبةَ عليها، ﴿غَفُورًا﴾: ساترًا عليهم ذنوبَهم بعفوِه لهم عنها.