لو لم تَكُنْ غَطَفانٌ لا ذُنوبَ لها … [إليَّ لَامَتْ](١) ذَوُو أَحْسَابِها عُمَرا
والمعنى: لو لم تَكُنْ غَطَفانُ لها ذَنوبٌ، و "لا" زائدةٌ فأعمَلها.
وأنكَر ما قال هذا القائلُ مِن قولِه الذي حكَينا عنه آخرون، وقالوا: غيرُ جائزٍ أن تجعَلَ "أن" زائدةً في الكلامِ وهو صحيحٌ في المعنى، وبالكلامِ إليه الحاجةُ؛ قالوا: والمعنى: ما يمنعُنا ألا تُقَاتِلَ. فلا وجهَ لدعوى مدَّعٍ أنَّ "أنْ" زائدةٌ وله معنىً مفهومٌ صحيحٌ.
قالوا: وأما قولُه:
*لو لم تَكُنْ غَطَفَانٌ لا ذُنوبَ لها*
فإنَّ "لا" غيرُ زائدةٍ في هذا الموضِعِ؛ لأنّه جَحْدٌ، والجَحْدُ إذا جُحِد صار إثباتًا. قالوا: فقولُه: لو لم تَكُنْ غَطَفانٌ لا ذنوبَ لها. إثباتُ الذنوبِ لها، كما يُقالُ: ما أخوك ليس يقومُ. بمعنى: هو يقومُ.
وقال آخرون: معنى قولِه: ﴿مَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ﴾: مالنا ولأن لا نُقَاتلَ. ثم حُذِفت الواوُ فتُرِكت، كما يُقالُ في الكلامِ: ما لك ولأنْ تذهبَ إلى فلانٍ. فأُلْقِى منها الواوُ؛ لأن "أنْ" حرفٌ غيرُ مُتَمَكنٍ في الأسماءِ، وقالوا: يُجيرُ أَن يُقالَ: ما لك أن تَقُومَ. ولا تُجيزُ: ما لك القيامُ؛ لأن القيامَ اسمٌ صحيحٌ. و "أنْ" اسمٌ غيرُ صحيحٍ، وقالوا: قد تقولُ العربُ: إياك أن تتكلَّمَ. بمعنى: إياك وأن تَتَكَلَّمَ.