للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْكَ أَشْكُو شِدَّةَ المَعِيشِ

وَمَرَّ أعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِى

وإنما كان القومُ سألوا رسولَ اللهِ -فيما ذُكِر لنا- عن الحيضِ؛ لأنهم كانوا قبلَ بيانِ اللهِ لهم ما يَتَبَيَّنون من أمرِه لا يُساكِنون حائضًا فى بيتٍ، ولا يُؤاكلونهنَّ فى إِناءٍ، ولا يُشارِبونهنّ، فعرَّفهم اللهُ بهذه الآيةِ أن الذى عليهم فى أيامِ حيضِ نسائِهم أن يتجنَّبوا جماعَهنَّ فقط دونَ ما عدا ذلك من مُضاجعتِهنَّ ومُؤاكلتِهنَّ ومُشَاربتِهنَّ.

كما حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ حتى بلَغ: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾: فكان أهلُ الجاهليةِ لا تُساكِنُهم حائضٌ فى بيتٍ، ولا تؤاكلُهم فى إِناءٍ، فأنزل اللهُ تعالى ذكرُه فى ذلك، فحرَّم فرجَها ما دامت حائضًا، وأحلَّ ما سوى ذلك؛ أن تَصْبُغَ لك رأسَك، وتؤاكلَك مِن طعامِك، وأن تُضاجعَك فى فِراشِك إذا كان عليها إزارٌ محتجِزةً به دونك (١).

حُدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ مثلَه (٢).

وقد قيل: إنهم سألوا عن ذلك؛ لأنهم كانوا فى أيامِ حيضِهنَّ يجتنِبون إتيانَهنَّ فى مَخرجِ الدَّمِ، ويَأْتونهنَّ فى أدبارِهن، [فنهاهم اللهُ عن أن يَقْرَبوهنَّ فى أيامِ حيضِهنَّ حتى يَطْهُرْنَ، ثم أذِن لهم إذا تطهَّرْنَ مِن حيضِهنَّ فى إتيانِهنَّ مِن حيثُ أمَرهم باعتزالِهنَّ، وحرَّم إتيانَهنَّ فى أدبارِهنَّ بكلِّ حالٍ] (٣)


(١) عزاه السيوطي فى الدر المنثور ١/ ٢٥٨ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) ينظر التبيان ٢/ ٢٢١ - ٢٢٢.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.