للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزُّبُرِ (٥٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: وما أمرُنا للشيءِ إِذا أَمَرْنا وأَرَدْنا أن نُكَوِّنَه إلا قولةٌ واحدةٌ: كُنْ. فيَكونُ، لا مراجعةَ فيها ولا مُرادَّةَ، ﴿كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فيُوجَدُ ما أمَرْناه وقلْنا له: كُنْ. كسرعةِ اللُّمْحِ بالبصرِ، لا يُبْطِئُ ولا يَتَأَخَّرُ.

وقولُه: [﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ﴾] (١). يقولُ تعالى ذكرُه لمشركي قريشٍ الذين كذَّبوا رسولَه محمدًا : ولقد أهْلَكْنا أشياعَكم معشرَ كفارِ (٢) قريشٍ مِن الأممِ السالفةِ والقرونِ الخاليةِ، على مثلِ الذي أنتم عليه مِن الكفرِ باللَّهِ، وتكذيبِ رسولِه (٣)، ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. يقولُ: فهل منكم مُتَّعِظُ يتعِظُ (٢) بذلك، ومُنْزَجِرٌ يَنْزَجِرُ به؟

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. قال: أشياعَهم (٤) مِن أهلِ الكفرِ مِن الأممِ الماضيةِ، يقولُ: فهل مِن أحدٍ (٥) يَتَذَكَّرُ (٦)؟

وقولُه: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكلُّ شيءٍ فعَله (٧) أشياعُكم الذين مضَوْا قبلَكم معشرَ كفارِ قريشٍ، ﴿فِي الزُّبُرِ﴾. يعني: في الكتبِ التي كتَبَتْها الحَفَظةُ عليهم. وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ مُرادًا به: في أمِّ الكتابِ.


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رسله".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أشياعكم".
(٥) في الأصل: "مدكر"، وفي ت ٢: "واحد".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣٨ إلى المصنف.
(٧) في الأصل: "فعلوا".