للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا﴾ إلى آخرِ الآيةِ، ثم قرأ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥)[هود: ١٥]. وقرَأ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ [الشورى: ٢٠]. وقرَأ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ إلى آخرِ الآية [الإسراء: ١٨]، وقال: هؤلاء الذين أذهَبوا طَيَّباتِهم في حياتهم الدنيا.

واختلفت القرأةُ في قراءةِ قوله: ﴿أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُمْ﴾؛ فقرأته عامة قرأةِ الأمصار: ﴿أَذْهَبْتُمْ﴾ بغير استفهامٍ، سِوى أبى جعفر القارئِ، فإنه قرأه بالاستفهام (١)، والعربُ تستفهم بالتوبيخِ، وتتركُ الاستفهام فيه، فتقولُ: أَذَهَبْتَ ففعلتَ كذا وكذا؟ وذهَبتَ ففعلت وفعلت؟ وأعجب القراءتين إلى ترك الاستفهام فيه؛ لإجماع الحجة من القرأة عليه، ولأنه أفصحُ اللغتَين.

وقوله: ﴿فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾، يقول تعالى ذكرُه: يقال لهم: فاليوم أيُّها الكافرون الذين أذهَبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، ﴿تُجْزَوْنَ﴾ أي: تُتابون ﴿عَذَابَ الْهُونِ﴾، يعنى عذابَ الهَوانِ؛ وذلك عذابُ النارِ الذي يُهينُهم.

كما حدثنا محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن


(١) قرأه بغير استفهام - بهمزة واحدة، على الخبر - نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وخلف، وقرأه بالاستفهام - بهمزتين - ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب، ينظر النشر ١/ ٢٨٥.