للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾. قال: خلَق فيها شمسَها وقمرَها ونجومَها وصلاحَها (١).

وقولُه: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وزيَّنا السماءَ الدنيا إليكم أيُّها الناسُ بالكواكبِ، وهى المصابيحُ.

كما (٢) حدَّثنا، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ قال: ثم زيَّن السماءَ الدنيا (٣) بالكواكبِ، فجعَلها زينةً، ﴿وَحِفْظًا﴾ من الشياطينِ.

واختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ نصبِ قولِه: ﴿وَحِفْظًا﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: نُصِب بمعنى: وحفِظناها حِفْظًا، كأنه قال: ونحفظُها حفظًا. لأنه حينَ قال: زيَّنَّاها بمصابيحَ. قد أخبرَ أنه قد نظَر في أمرِها وتعهَّدها، فهذا يدلُّ على الحفظِ، كأنه قال: وحفظِناها حفظًا. وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٤) يقولُ: نُصِب ذلك على معنى: وحفظًا زيَّنَّاها؛ لأن الواوَ لو سقَطَت لكان: إنا زيَّنَّا السماءَ الدنيا حفظًا. وهذا القولُ الثاني أقربُ عندَنا إلى الصحةِ من الأولِ.

وقد بيَّنا العلةَ في نظيرِ ذلك في غيرِ موضعٍ من هذا الكتابِ، فأغنَى ذلك عن إعادتِه.

وقولُه: ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي وصَفتُ لكم من خَلْقىَ السماءَ والأرضَ وما فيهما، وتزيينيَ السماءَ الدنيا بزينةِ الكواكبِ، على ما بيَّنتُ (٥) - تقديرُ العزيزِ في نقمتِه من أعدائِه، العليمِ بسرائرِ عبادِه وعلانيتِهم، وتدبيرِهم على ما فيه صلاحُهم.


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٦١ إلى عبد بن حميد.
(٢) بعده في ت ٢، ت ٣: "حدَّثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في ت ١: "البصرة".
(٥) ينظر ما تقدم في ١٩/ ٤٩٧، ٤٩٨.