للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَتِيقِ﴾. قال: العتيقُ القديمُ؛ لأنه قديمٌ، كما يُقالُ: السيفُ العتيقُ. لأنه أوَّلُ بيتٍ وُضِع للناسِ، بناه آدمُ، وهو أولُ مَن بناه، ثم بوَّأ اللهُ موضعَه لإبراهيمَ بعدَ الغرقِ، فبناه إبراهيمُ وإسماعيلُ (١).

قال أبو جعفرٍ: ولكلِّ هذه الأقوالِ التي ذَكَرناها عمَّن ذكرناها عنه في قولِه: ﴿الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ -وجهٌ صحيحٌ، غيرَ أن الذى قاله ابنُ زيدٍ أغلبُ مَعانيهِ عليه في الظاهرِ، غيرَ أن الذى رُوِيَ عن ابنِ الزُّبيرِ أُولَى بالصِّحةِ، إن كان ما حدَّثني به محمدُ ابنُ سهلٍ البخاريُّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: أخبَرني الليثُ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ خالدِ بنِ مُسافرٍ، عن الزُّهريِّ، عن محمدِ بنِ عُرُوةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إنما سُمِّى البيتَ العتيقَ [لأن اللهَ] (٢) أعتَقَه مِن الجبابرةِ، فلم يُظهَرْ عليه قطُّ" (٣) - صحيحًا.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال الزُّهريُّ: بَلَغنا أن رسولَ اللهِ قال: "إنما سُمِّى البيتَ العتيقَ لأنَّ اللهَ أعْتَقَه". ثم ذكَر مثلَه (٤).

وعُنى بالطُّوافِ الذى أَمَر جلَّ ثناؤُه حاجَّ بيتِه العتيقِ به في هذه الآيةِ، طوافُ الإفاضةِ الذى يُطافُ به بعدَ التعريف؛ إما يوم النحرِ، وإمَّا بعدَه، لا خلافَ بينَ أهلِ التأويلِ في ذلك.


(١) ينظر تفسير البغوى ٥/ ٣٨٢، وتفسير ابن كثير ٥/ ٤١٤.
(٢) في ص، ت ٢، ف: "لأنه".
(٣) أخرجه البخارى فى التاريخ الكبير ١/ ٢٠١، والترمذى (٣١٧٠)، والطبراني في الكبير (٢٦٢)، والحاكم ٢/ ٣٨٩، والبيهقى فى الدلائل ١/ ١٢٥، وفى الشعب ٣/ ٤٤٣ (٤٠١٠)، من طريق عبد الله صالح به. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٥٧ إلى ابن مردويه.
(٤) أخرجه الترمذى عقب حديث (٣١٧٠) من طريق عقيل، عن الزهري.