للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾: علَى أنَّ هذا حقٌّ من ميثاقِى عليكم (١).

وقال آخرون: بل ذلك خَبرٌ من اللهِ جلّ وعزّ عن أوائلِهم، ولكنه تعالى ذكرُه أخرَج الخبرَ بذلك عنهم مُخْرَجَ المخاطبةِ على النحوِ الذى وَصَفْنا في سائرِ الآياتِ التى هى نظائرُها، التى قد بَيَّنّا تأويلَها فيما مضَى (٢).

وتأوَّلُوا قوله: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ بمعنى: وأنتم شُهودٌ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا آدمُ، قال: ثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبى العاليةِ في قولِه: ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ يقولُ: وأنتم شهودٌ.

وأولى الأقاويلِ في تأويلِ ذلك بالصوابِ عندِى أن يكونَ ﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ خبرًا عن أسلافِهم، وداخلًا فيه المخاطَبون به (٣) الذين أَدْرَكُوا رسولَ اللهِ ، كما كان قولُه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ خبرًا عن أسلافِهم وإن (٤) كان خطابًا للذين أَدْرَكُوا رسولَ اللهِ ؛ لأن اللهَ عزّ ذكرُه أخَذ ميثاقَ الذين كانوا على عهدِ موسى من بنى إسرائيلَ على سبيلِ ما قد بَيّنه لنا في كِتابِه، فأَلْزَمَ جَميعَ مَن بعدَهم مِن ذُرِّيَّتِهِم مِن حُكْمِ التوراةِ مثلَ الذى أَلْزَم منه مَن كان على عهدِ موسى منهم، ثم أَنَّب الذين خاطبَهم بهذه الآياتِ على نقضِهم ونقضِ سلفِهم ذلك الميثاقَ، وتبديلهم (٥) ما وَكَّدوا على أنفسِهم له بالوفاءِ من العهودِ بقولِه:


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٠، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٦٣ (٨٥٤) من طريق سلمة به.
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٤٢، ٦٤٣.
(٣) في م: "منهم".
(٤) في م: "بأن".
(٥) في م، ت ٢: "تكذيبهم".