للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبرني إسماعيلُ بن شَرُوسٍ، أنه سمع وهب بن منبِّهٍ يقولُ: جاء حواريُّ عيسى ابن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخُلَها، فقيل له: إن على بابها صنمًا لا يدخُلُها أحدٌ إلا سجد له، فكره أن يَدْخُلَها، فأتَى حَمَّامًا، فكان فيه قريبًا من تلك المدينة، فكان يَعْمَلُ فيه يُواجرُ نفسَه من صاحب الحمَّام، ورأى صاحب الحمَّام في حمَّامِه البركة، ودُرَّ عليه الرزقُ، فجعل يقومُ (١) عليه (٢)، وجعَل يَسْترسِلُ إليه (٣)، وعَلِقَه فتيةٌ من أهل المدينة، وجعَل يخبرُهم خبر السماء والأرضِ وخبر الآخرة، حتى آمنوا به وصدَّقوه، وكانوا على مثل حاله في حُسنِ الهيئة، وكان يَشْتَرِطُ على صاحب الحمَّام أن الليل لي، لا تَحُولُ بينى وبين الصلاةِ إذا حضَرَتْ. فكان على ذلك حتَّى جاء ابن الملكِ بامرأةٍ، فدخل بها الحمَّام، فعيَّرَه الحواريُّ فقال: أنت ابن الملكِ، وتدخُلُ معك هذه الكذا (٤) فاستحيا، فذهَب فرجع مرًّة أخرى، فقال له مثل ذلك، فسبَّه وانتهره ولم يلتفت، حتى دخل ودخلت معه المرأةُ، فماتا في الحمَّام جميعًا، فأُتِيَ الملكُ فقيل له (٥): قتل صاحبُ الحمَّامِ ابنَك. فالتُمس، فلم يُقْدَرُ عليه فهرب. قال: من كان يَصْحَبُه؟ فسَمَّوا الفتيةَ، فالتُمسوا، فخرجوا من المدينةِ، فمرّوا بصاحبٍ لهم في زرعٍ له، وهو على مثل أمرهم، فذكروا أنهم التُمسوا، فانطلق معهم [ومعه] (٦) الكلبُ، حتى أَوَاهم الليلُ إلى الكهف، فدخلوه، فقالوا: نبيتُ هاهنا الليلةَ، ثم نُصْبحُ إن شاء الله فترون رأيَكم. فضُرب على آذانهم، فخرج الملكُ في أصحابه يتبعونهم،


(١) في النسخ وتاريخ الطبرى: "يعرض"، وفى تفسير عبد الرزاق، ومصنفه (٩٧٥٢)، وعنه في تفسير الصنعانى ٢/ ٣٩٧: "ففوض إليه" بدلا من: "فجعل يعرض عليه". والمثبت من عرائس المجالس.
(٢) بعده في م، وتاريخ الطبرى: "الإسلام"، ولعلها تصرف من محقق المطبوعة، وقد نقل عنه محقق التاريخ.
(٣) يسترسل إليه: ينبسط ويستأنس. الوسيط (ر س ل).
(٤) في م: "النكداء". وفى تفسير عبد الرزاق: "الكذا" والكذا".
(٥) ليس في: ص، ت ١، ت ٢، ف، وتفسير عبد الرزاق. والمثبت موافق لعرائس المجالس، وتفسير البغوي.
(٦) سقط من: م.