فَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ: فَهُوَ الْمَحَبَّةُ فِي الدِّينِ وَظُهُورُ الْخَيْرِ وَمَا قَرَّبَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَاعَدَ مِنْ مَعَاصِيهِ.
قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠] .
وَلِذَلِكَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
فَأَمَّا الْمُبَاحُ: فَهُوَ الْمَحَبَّةُ عَلَى النَّسَبِ وَعَلَى التَّجَانُسِ فِي عِلْمٍ أَوْ أَدَبٍ وَعَلَى مَا أُبِيحَ مِنْ صِنَاعَةٍ أَوْ مَكْسَبٍ، فَهَذَا مُبَاحٌ تَقْوَى بِهِ الْعَدَالَةُ وَلَا تَضْعُفُ بِهِ وَلِهَذَا النَّوْعِ أَرَادَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ: " وَلَيْسَ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ ".
هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ أَعْدَلُ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَدْ أَحَبَّ قُرَيْشًا لِنَسَبِهِ فِيهِمْ حَتَّى خَصَّهُمْ بِخِلَافَتِهِ فَقَالَ: " الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ".
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَتَقَدَّمُوهَا وَتَعَلَّمُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَلَا تُعَالِمُوهَا ".
وَحَمَى لَهُمْ لَمَّا عَادُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَدْرٍ وَمَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ سَلَامَةُ بْنُ وَقْشٍ وَقَدْ سَأَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَمَّنْ لَقِيَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ، فَقَالَ سَلَامَةُ: وَهَلْ لَقِينَا إِلَّا عَجَائِزَ صُلْعًا. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أُولَئِكَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ "، فَنَفَى عَنْهُمُ الْعَارَ مَعَ كُفْرِهِمْ وَمُحَارَبَتِهِمْ لَهُ.
وَسَمِعَ شَاعِرًا من حمير ينشده:
(فإني امرؤ حميري حين ينسبني ... لا من ربيعة إياي وَلَا مُضَرَ)
فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ذَاكَ أَهْوَنُ لِقَدْرِكَ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنَ اللَّهِ " وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ: فَهُوَ الْمَحَبَّةُ عَلَى الْمُوافَقَةِ فِي المعاصي. فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ " فَصَارَ مُحِبُّ الْعَاصِي كالعاصي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute