لِلْأَبِ وَالْأُمِّ مِنَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَيَسْقُطُونَ أَيْضًا مِعِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَعْيَانُ بَنِي الْأُمَّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بني العلات ".
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَرِثُ مَعَ الْأَبِ أَبَوَاهُ وَلَا مَعَ الأم جدة وهذا كله قول الشافعي ومعناه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَدَّاتِ لَا يَرِثْنَ مَعَ الْأُمِّ سَوَاءٌ مَنْ كُنَّ مِنْهُنَّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لِأَنَّهُنَّ يَرِثْنَ بِالْوِلَادَةِ فَكَانَتِ الْأُمُّ أَوْلَى مِنْهُنَّ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُبَاشِرَةٌ لِلْوِلَادَةِ بِخِلَافِهِنَّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْوِلَادَةَ فِيهَا مَعْلُومَةٌ وفي غيرها مظنونة فلفوتها بهذين أحجبت جَمِيعَ الْجَدَّاتِ.
وَأَمَّا الْأَبُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَحْجُبُ أَبَاهُ وَهُوَ الْجَدُّ وَلَا يَحْجُبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَاخْتَلَفُوا فِي حَجْبِهِ لِأُمِّهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأَبِ تَسْقُطُ بِالْأَبِ كَالْجَدِّ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سِيرِينَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَقَالَ أبو حنيفة: الْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ تَرِثُ مَعَ الْأَبِ كَمَا تَرِثُ مَعَ أُمِّ الْأُمِّ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود وعمران بن الحسين وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَشُرَيْحٌ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْجَدَّةِ مَعَ ابْنِهَا إِنَّهَا أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُدُسًا وَابْنُهَا حَيٌّ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا وَروي أَنَّهُ ورث حسكة مَعَ ابْنِهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا ضَعُفَ الْأَبُ عَنْ حَجْبِ أُمِّ الْأُمِّ وَهِيَ بِإِزَائِهَا ضَعُفَ أَيْضًا عَنْ حَجْبِهَا، وَلِأَنَّ الْجَدَّةَ وَإِنْ أَدْلَتْ بِالْأَبِ فَهِيَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِهِ لِأَنَّهَا تُشَارِكُ أُمَّ الْأُمِّ فِي فَرْضِهَا فَجَرَى مَجْرَى الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَمَّا لَمْ يَضُرُّوا بِالْأُمِّ لَمْ يَسْقُطُوا مَعَ الْأُمِّ.
وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى إِلَى الْمَيِّتِ بِأَبٍ وَارِثٍ سَقَطَ بِهِ كَالْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَلِأَنَّ الْإِدْلَاءَ إِلَى الْمَيِّتِ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ يَمْنَعُ مِنْ مُشَارَكَتِهِ فِي الْمِيرَاثِ كَوَلَدِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَوَلَدِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْإِخْوَةِ، وَلِأَنَّهَا جَدَّةٌ تُدْلِي بِوَلَدِهَا فَلَمْ يُجِزْ أَنْ تُشَارِكَ وَلَدَهَا فِي الْمِيرَاثِ كَالْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ، وَأَمَّا الْمَرْوِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ وَابْنُهَا حَيٌّ فَضَعِيفٌ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَمْنَعُ مِنِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم فيه، ثم لو سلم لكان عليه ثلاثة أجوبة.
أحدهما: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ مَعَ ابْنِهَا الَّذِي هُوَ الْخَالُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْرِيثِ أُمِّ الْأَبِ مَعَ ابْنِهَا وهو العم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute