الْمُزَنِيِّ: يُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا وَيُعِيدُ فِي الْآخَرِ عَلَى أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُ باجتهاد الطَّاهِرُ مِنَ النَّجَسِ وَكَانَ الشَّكُّ بَاقِيًا فَمَذْهَبُ الشافعي أنه يصلي عريان وَيُعِيدُ إِذَا وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا، وَمَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ وقد ساعده بعض أصحابنا في هذا الموضع عِنْدَ بَقَاءِ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا وَيُعِيدُ فِي الْآخَرِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَأَجْزَاهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ
(فَصْلٌ)
: إِذَا كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ وَثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ، وَالْآخَرُ نَجِسٌ وَقَدْ أَشْكَلَا عَلَيْهِ فَفِي جَوَازِ التَّحَرِّي فِيهِمَا مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مَتْرُوكٌ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَالْيَقِينِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الطَّاهِرِ مَعَ وُجُودِ الْيَقِينِ، أَلَا تَرَاهُ لَوْ وَجَدَ إِنَاءَ مَاءٍ عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَرْكُ مَاءَ دِجْلَةَ وَإِنْ كَانَتْ طَهَارَةُ الْإِنَاءِ مِنْ طَرِيقِ الظَّاهِرِ وَطَهَارَةُ دِجْلَةَ مِنْ طَرِيقِ الْيَقِينِ، كَذَلِكَ فِي الثَّوْبَيْنِ الْمُشَكِلَيْنِ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ فَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ، وَالْآخَرُ نَجِسٌ وَقَدْ أَشْكَلَا عَلَيْهِ فَتَحَرَّى فِيهِمَا وَغَسَلَ مَا غَلَبَ قَلْبُهُ أَنَّهُ نَجِسٌ، جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ، فَإِنْ لَبِسَهُمَا وَصَلَّى فِيهِمَا جَمِيعًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يَجُوزُ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا طَاهِرٌ بِغَسْلِهِ وَالْآخَرَ طَاهِرٌ بِاجْتِهَادِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ حُلُولَ النَّجَاسَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ شَاكٌّ فِي زَوَالِهَا فَلَمْ يَجُزْ أداء الصلاة فيهما
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ غَسَلَهُ كُلَّهُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا كَانَ معه ثوب واحداً أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَا يَعْرِفُ مَوْضِعَهَا فَعَلَيْهِ غَسْلُهَا، وَلَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ، لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنَ الثَّوْبِ مُسَاوٍ لِغَيْرِهِ فِي جَوَازِ طَهَارَتِهِ وَحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ إِذَا اخْتَلَطَا غَلَبَ حُكْمُ الْحَظْرِ، وَلَمْ يَسَعْ فِيهِ الاجتهاد، وإذا تميزا وأشكلا ساغ فيهما الِاجْتِهَادُ فَعَلَى هَذَا لَوْ شَقَّ الثَّوْبَ لَمْ يجز له الاجتهاد لجواز أن يصادف الثوب مَحَلَّ النَّجَاسَةِ فَتَحْصُلُ النَّجَاسَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا، فَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ قَمِيصًا فَعَلِمَ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي أَحَدِ كُمَّيْهِ فَأَرَادَ الِاجْتِهَادَ بَيْنَهُمَا وَغَسَلَ مَا يُؤَدِّيهِ الِاجْتِهَادُ إِلَى نَجَاسَتِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يَجُوزُ لِأَنَّ أَحَدَ الْكُمَّيْنِ طَاهِرٌ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْآخَرُ طَاهِرٌ بِالْغَسْلِ عَلَى مَعْنَى مَا قَالَهُ فِي الثَّوْبَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute