وبعدُ فإنَّا نَفْتَتِحُ هذا الجزء الثانيَ من الذخائر والعبقريات بصَدْرٍ من عبقرياتهم في أكثر المعاني التي أوردنا ما أوردنا من عبقرياتهم فيها، في أبواب الجزء الأول، وكان المتوقَّعُ أن نَفْتَتِح هذا الجُزْءَ بسائر عبقرياتهم في التعازي، وفي المرض، بَيْدَ أنّا قد استحسنَّا أن نصدِّر هذا الجزءَ الثانيَ بطائفة من عبقرياتهم في معانٍ شتَّى تَنْدَرِجُ في الأبواب السابقة، وذاك لأمرين: أما أولهما فلأن في هذا الصَّنيعِ مُبادَرَةً باسْتِدْراكِ ما قدْ كانَ يَصحُّ إيرادُه هناك، وأما الآخر: فذلك لأنا لم نَسْتَحْسِنْ أن نَفْجَأَ المتصفح لهذا الجزء بما عسى أن يُفْزِعَه ويَنْفِرَ منه، وتَنْقَبِضَ نفسُه عنه، على أن هذه العبقرياتِ وإن جاءت في البَيْنِ وفَصَلَت بين عبقريات الباب الثالث غير أنها جاءت كالدُّرَّةِ الفريدة تَفْصِل بين ذهب القلادة؛ إلى ما في ذلك من استراحة للقارئ وتنقُّل به من معانٍ قد تكثَّرنا منها إلى معانٍ أُخرى قد يستريح إلى جِدَّتها؛ وبعد أن نَفْرُغَ من هذه العبقريات نَعْطِف على عبقرياتهم في التعازي، وفي المرض، وقانا الله جميعاً مِحْنَته، وخَفَّف - إذا هو قُدِّر علينا - وطْأَتَه.