(٢) ويذكر أبو شامة، نقلا عن أسامة بن منقذ: فما راعنا إلا قوم قد خرجوا من المجلس مجتمعين إلى القاعة فإذا السيوف تختلف على إنسان هو أبو الأمانة جبريل قد قتلوه وواحد قد شق بطنه يجذب مصارينه، ثم خرج عباس وهو آخذ برأس الأمير يوسف تحت إبطه وفى رأسه ضربة سيف والدم يفور منها، وأبو البقاء ابن أخيه مع ابنه نصر. ثم أدخلوهما خزانة فى القصر فقتلوهما وفى الخزانة ألف سيف مجرد. قال: وكان ذلك من أشد الأيام التى جرت على لأنى رأيت من الفساد والبغى ما ينكره الله سبحانه وجميع خلقه. انظر كتاب الروضتين: ٢٤٥:١؛ كتاب الاعتبار: ١٦. وأمام هذا الموضع بالأصل طيارة نصها: «بخط المصنف فى نصف ورقة ملفوفة بهذا المحل: - لما فعل عباس بأولاد الحافظ ما فعل حنقت عليه قلوب الناس وأضمروا العداوة والبغضاء. وكاتب من فى القصر من بنات الحافظ فارس المسلمين أبا الغارات طلائع بن رزيك يستصرخون به، فحشد وخرج من البهنسا يريد القاهرة. وبلغ ذلك عباسا، فخرج يوم الخامس عشر من صفر وجعل ابنه ناصر الدين نصرا على القاهرة، فلما خرج قام عليه الجند وغلقوا أبواب القاهرة ووقع القتال فى الشوارع، فأسرع الناس وفتحوا أبواب القاهرة. فلما جاءهم واستدناهم انهزموا، فلما تحقق عداوة الجند والأمراء علم أنه لا مقام له بينهم وعزم على قصد الشام واللحاق بنور الدين الشهيد ليستنجده. هذا والرسل تتردد بين القصر وبين طلائع وهو يستميل الأمراء إليه ويبعث إليهم. فلما بلغ ذلك عباسا استحلف الأمراء أنهم لا يخونونه ولا يخامرون عليه، وأحضر مقدمى العرب من رؤساء رزيق وحزام وسنبس وطلحة ولواتة وحلفهم بالمصحف وبالطلاق على مثل ذلك. واهتم بأمر سفره بخيله وجماله، وكان له مائتا حصان وحجرة مجنوبة على أيدى الرحالة كعادة الوزراء بمصر ومائتا بغل للرحلة وأربعمائة جمل لحمل أثقاله، يريد أن يخرج فى يوم السبت خامس عشر ربيع الأول يطالع أخباره، فما راعه بكرة الجمعة رابع عشره إلا والناس قد لبسوا السلاح وزحفوا إلى داره ورءوسهم -