للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيت دهن بمسك، وبيت دهن بكافور، وبيت دهن بغير طيب، ولم يكن فيه شيء مصنوع لوقته. فلمّا رآه المؤتمن والحاضرون (عجبوا) (١) من علوّ قيمة القاضى وجليل رئاسته وسعة نفسه؛ وحلف (القاضى) (٢) الحرام إن عاد إلى ملكه. فقال المؤتمن؛ قد قبلته منك ليس لحاجة إليه، ولا نظر فى قيمته، بل لإظهار هذه الهمّة وإذاعتها. وذكر أن قيمة المداف المذكور خمسمائة دينار.

وخلع المؤتمن على القاضى بذلة مذهبة بطيلسان مقور وثياب حرير، وقدّم له دابّة بمركب حلى ثقيل؛ ثم خلع عليه فى اليوم الثانى والثالث كذلك. وخلع على أخيه حلّتين مكلّلتين مذهبتين ورزمة فيها شقق حريريّة ممّا يختصّ بالنساء. وأنعم على كلّ من حواشيه وأصحابه.

وعاد إلى القاهرة، فمدحه عدّة من الشعراء.

وورد رسل ظهير الدّين طغتكين، صاحب دمشق، وآق سنقر، صاحب حلب (٣)، بالحثّ على غزو الفرنج، وكبيرهم علىّ بن حامد، الحاجب. فلمّا وصلا باب الفتوح ترجّلا وقبّلاه، ومشيا إلى أبواب القصور ففعلا مثل ذلك؛ وأوقفا عند باب البحر (٤)


(١) زيد ما بين القوسين لأن السياق يقتضيه أو نحوه.
(٢) زيد ما بين القوسين للتوضيح.
(٣) كان صاحب حلب فى هذه السنة بلك بن بهرام بن أرتق، تملكها بعد أن حاصرها وبها ابن عمه بدر الدولة سليمان بن أرتق الذى سلمها إلى الأمير بلك بعد أن طال حصارها وتبين عجز بدر الدولة عن حمايتها. وقد بقى بها بلك ابن بهرام حتى قتل فى سنة ٥١٨ ليتولاها ابن عمه حسام الدين تمرتاش بن إيلغازى بن أرتق. وبهذا يتبين أن آق سنقر، المذكور فى المتن، لم يكن صاحب حلب والواقع أنه كان يتولى الموصل وما يقرب منها من بلاد الجزيرة وكانت واسط من إقطاعه أيضا، ومن رجاله الذين كان يعتمد عليهم عماد الدين زنكى بن آق سنقر الذى كان يتولى حلب وقتل صبرا فى حرب ضد تاج الدولة تتش سنة ٤٨٧. ويتضح من هذا أيضا أن آق سنقر صاحب الموصل فى هذه السنة، ٥١٧، والذى قتل سنة ٥٢٠ بالموصل بهجوم جماعة من الباطنية عليه لم يكن هو صاحب الرسالة إلى القاهرة. ويقول ابن القلانسى، تأكيدا لهذا «وفى شهر رمضان من السنة توجه الحاجب على بن حامد إلى مصر رسولا عن ظهير الدين أتابك». وقد تقدم آق سنقر نحو حلب فى السنة التالية عند ما حصرها الفرنج فرحلوا عنها فأصلح أحوالها وأمن أحوالها. الكامل: ٢١٥:١٠، ٢١٧، ٢٢٠؛ الباهر: ٢٤، ٢٧، ٣١؛ ذيل تاريخ دمشق: ٢١٠، ٢١٢، ٢١٤.
(٤) من أبواب القصر الغربية، وهو من بناء الحاكم، سمى بذلك لأن الخليفة كان يخرج منه عند ما يقصد التوجه إلى شاطئ النيل عند المقس. وموضعه اليوم تجاه المدرسة الكاملية بمدخل حارة بيت القاضى بشارع بين القصرين. المواعظ والاعتبار: ٤٣٣:١ - ٤٣٤؛ النجوم الزاهرة: ٣٥:٤ حاشية: ٦؛ صبح الأعشى: ٣٤٦:٣.