للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والناس بأجمعهم رجّالة، وليس وراءهم راكب إلاّ الخليفة بمفرده وهو ملثّم. فلمّا خرج التابوت من بلد مصر أمر الخليفة بركوب القائد والمرتضى ولد الأفضل. وذكر أن الشيخ أبا الحسن بن أبى أسامة ركب حمارا، فلمّا وصلت الجنازة إلى باب زويلة ترجّل القائد والمرتضى ومشيا؛ وبعث الخليفة خواصّه إلى أخويه أبى الفضل جعفر وأبى القاسم عبد الصمد، وأمرهما إذا وصل التّابوت إلى باب الزّهومة (١) (أن) (٢) يخرجا بغير مناديل، بعمائم صغار وطيالس؛ فإذا قضيا (٣) ما يجب من حقّ سلام الخليفة سلّما على القائد أبى عبد الله بمثل ما كانا يسلّمان على الأفضل، ويمشيان معه وراء التابوت. فاعتمدا ذلك. فاستعظم النّاس هذه الحالة والمكارمة؛ ولم يزالا مع النّاس وراء التّابوت إلى أن دخل من باب العيد (٤).


(١) كان فى آخر ركن القصر مقابل خزانة الدرق التى أصبحت فى أيام المقريزى تعرف بخان مسرور، وأمامه درب السلسلة، وهو من الأبواب الغربية للقصر. والزهومة: الزفر، وسمى بذلك لأن حوائج المطبخ كانت تنقل إليه منه. وموضعه اليوم بأول شارع خان الخليلى من جهة شارع بين القصرين. المواعظ والاعتبار: ٤٣٥:١؛ النجوم الزاهرة: ٣٦:٤.
(٢) أضيف ما بين القوسين لأن السياق يقتضيه.
(٣) فى الأصل قضوا.
(٤) من الأبواب الشرقية للقصر الكبير بخط رحبة العيد داخل درب السلامى. سمى بذلك لأن الخلفاء كانوا يخرجون منه فى يومى العيد إلى المصلى بظاهر باب النصر. وموقعه الآن بحوش وكالة عبده بشارع قصر الشوق: المواعظ والاعتبار: ٤٣٥:١؛ النجوم الزاهرة: ٣٥:٤.
مقابل هذا بالأصل طيارة جاء فيها بعد سطرين غير واضحين مطلقا: « … كل مسمار مائتا مثقال على كل مسمار عمامة لون، وخلف عشرة صناديق فيها من نفيس الجوهر ومن القضب الزمرد التى لا يوجد مثلها، وخلف خمسمائة صندوق من دق تنيس ودمياط … وخلف من الزبادى الصينى والبلور والمحكم … وثلاثة آلاف ملعقة ذهبا، وعشرة آلاف زبدية فضية كبار وصغار، وأربع قدور ذهب وزن كل قدر مائة رطل بالمصرى، وستة آلاف خريطة ديباج، وثلاثة آلاف وسبعمائة خاتم ذهب بفصوص ياقوت وزمرد وألف خريطة مملوءة دراهم - خارجا عن الأرادب - فى كل خريطة عشرة آلاف درهم. ومن الخدم والرقيق والخيل والبغال والجمال والسروج المحلاة ومن حلى النساء ما لا يحصى عدده إلا الله تعالى. وأقام الآمر بدار الملك طول شهر ويحمل فى كل يوم على مائتى جمل إلى القاهرة من دار الملك دفعتين فى النهار ودفعة فى الليل طول الشهر، مائتى جمل كل يوم. وخلف ألف حسكة فضة وثلاثة آلاف نرجسة فضة وألف صدر ذهب وألفى صدر فضة منقوشة، وثلاثمائة ثور ذهب وأربعة آلاف ثور فضة وألف بوق كبير من ذهب، وخلف من المراكب، يعنى السروج، المرصعة مائة مركب، ومن الآلات والبسط الأرمنية والأندلسية والطبرستانية ما ملئ به خزائن الإيوان. وداخل قصر الزمرد من الجاموس وبقر الخيس والأغنام ما يباع لبنه فى كل سنة بضمان أبى الحسين بن يزيد بثلاثين ألف دينار، وفى حاصل الأهراء والمناخات ما لا يحصى كثرة ولا يعرف مقداره».
ثم ورد فى نفس الطيارة بعد هذا مباشرة: «وعند قوله والأفضل هو الذى أنشأ بستان البعل ما مثاله بخط المؤلف: وحمل الأفضل فى داره … واقترح على الشعراء النظم فيها (وأنشد) لنفسه:
نزهة عين الغاب والناظر … ومجلس للملك الناصر
كأنما الأفضل فى أفقها … شمس الضحى فى الفلك الدائر